دون استحقاق الثواب والعقاب أمكن أن يقال بأنه لا يدعو على أي تقدير ولكل مكلف، لامكان عدم المبالاة بالمدح والذم فلا بد من البعث والزجر المترتب عليهما الثواب والعقاب فحينئذ للمولوية مجال إلا أن المدح والذم الذين يترتب عليهما حفظ النظام عند العقلاء ما يعم الثواب والعقاب أعني المجازات بالخير والمجازات بالشر.
ولذا جزم غير واحد من أرباب النزاع في المسألة بان مدح الشارع ثوابه وذمه عقابه، مع وضوح أن ترتب الثواب والعقاب عند الجمهور من الأصوليين بل المتكلمين على موافقة البعث والزجر، ومخالفتهما بحكم العقلاء لا بنصب الشارع وليس الوجه فيه إلا أن موافقة التكليف الواصل عدل في العبودية فيستحق المدح والثواب ومخالفته خروج عن زي الرقية فيكون ظلما على المولى فيستحق الذم والعقاب والا فلا حكم آخر من العقل في باب الثواب والعقاب بالخصوص.
فيعلم منه أن استحقاق المدح عندهم يعم الثواب واستحقاق الذم عندهم يعم العقاب.
فان قلت: غاية ما ذكرت من المحذور المانع عن التكليف المولوي لزوم ثبوت داعيين مستقلين مع أنه متحقق فيما إذا كان للمكلف داع من قبل نفسه إلى ما يوافق التكليف أو إلى ما ينافيه، والحال أنه لا شبهة في صحة التكليف التوصلي إلى من كان له داع في نفسه إلى ما يوافق التكليف كما لا شبهة في صحة التكليف إلى العاصي الذي له الداعي إلى خلاف التكليف.
قلت: ليس المراد من جعل الداعي جعل ما يدعو بالفعل حتى يستحيل اجتماع داعيين فعليين، لعدم معقولية انبعاث واحد عن باعثين فعليين بل المراد جعل الداعي بالامكان أي جعل ما يمكن أن يكون داعيا بحيث لو انقاد العبد ومكن المولى من نفسه خرج البعث الامكاني من حد الامكان إلى الوجوب فيتحقق الانبعاث الفعلي وهذا المعنى محفوظ مع وجود الداعي من تلقاء المكلف إلى ما يوافق التكليف أو إلى ما ينافيه، بخلاف ما إذا كان الداعي من قبل