الالتزام به خروج عن زي الرقية وهو ظلم على المولى، وليس نتيجة البعث وصلاحيته للدعوة إلا باعتبار أن مخالفة البعث الواصل خروج عن زي الرقية وهو ظلم فجعل الداعي مع تحقق الداعي عقلا لغو ولا يلزم منه انفكاك المعلول عن علته التامة، إذ كما أن المفسدة المترتبة على البعث مانعة شرعا عن فعلية البعث كذلك وجود الداعي مانع عقلا عن فعليته وإن لم يمنع عن جعل الحكم الكلى البالغ درجة الفعلية عند من لا مانع من فعلية البعث بالنسبة إليه.
فان قلت: فعليه يستحيل البعث والزجر دائما، لأنهما يكشفان عن المصلحة الملزمة والمفسدة الملزمة ومع انكشافهما بنحو العلية التامة لا يعقل صيرورة الانشاء الكاشف داعيا. وتوهم الفرق بأن وصول العلة فرع وصول المعلول فما يتوقف ثبوته على ثبوت شئ لا يعقل أن يكون مانعا عن ثبوته مدفوع:
بما حررناه في محله من أن العلم بالعلة ليس علة للعلم بالمعلول ولا العلم بالمعلول علة للعلم بالعلة بل بينهما التلازم والعلم بالملازمة هو العلة للعلم بأحدهما عند ثبوت الاخر، فهو من قبيل وجود المانع مقارنا لوجود الممنوع لا مترتبا عليه ليستحيل مانعيته.
قلت: أولا: أن المفروض كون الانشاء الكاشف بعثا فعليا ولذا كشف عن العلة التامة ففرض مانعية العلة المنكشفة خلف ففرض مانعيتها فرض عدم صلاحيتها للدعوة فيلزم من وجوده عدمه.
وثانيا: أنه ليس المانع حقيقة عن البعث بعد البعث أو جعل بعثين دفعة أو جعل البعث بعد وجود ما يمكن أن يكون داعيا عقلا عدم إمكان العقلية في الخارج امتناعا بالغير، والامتناع الغيري لا ينافي الامكان الذاتي والوقوعي كما لا يخفى على الخبير، بل المانع هو انه مع وجود الداعي مولويا أو عقليا يستحيل جعل الداعي، لحصول الغرض من جعل الداعي، وتحصيل الحاصل محال، وأما إذا لم يكن هناك داع مولوي ولا عقلي فلا مانع من جعل الداعي وان حصل به ما يمكن أن يكون داعيا أيضا وهو الغرض المنكشف بالبعث قهرا، لان إمكانه غير مانع.
لا يقال: فجعل داعيين متماثلين دفعة لا مانع له.