نعم، إن اتفق ادراك مصلحة خاصة لبعض الاحكام بحيث كانت في نظر العقل تامة الاقتضاء فهل يحكم العقل بحكم الشارع على طبقها أم لا؟ والتحقيق أن المصلحة وإن كانت تامة الاقتضاء إلا أن الغرض من الواجب غير الفرض من الايجاب، فربما يكون الواجب تام الاقتضاء بحيث لا يتوقف ترتب الغرض منه عليه على أمر آخر أن الايجاب فيه مفسدة فلا يكاد يصدر من الحكيم، والايجاب إنما يتحقق بتحقق علته التامة من المقتضى الموجود في الواجب الباعث على ايجابه ومن عدم المانع من ايجابه، فمجرد إحراز المقتضى لا يكفي في احراز مقتضاه فعلا، بل اقتضاء أي بنحو ثبوت المقتضى بثبوت مقتضيه وهو المعبر عنه بالحكم الاقتضائي (1) في لسان شيخنا العلامة الأستاذ - قده - (2).
لا يقال: هذا في البعث الفعلي بنحو القضية الخارجية وأما في البعث الكلى بنحو القضية الحقيقية فليس في تلك المرحلة مفسدة تتصور في جعل الحكم على موضوعه.
لأنا نقول: حيث إن جعل الحكم كلي أيضا بداعي جعل الداعي بحيث يكون فعليا بوصوله وبفعلية موضوعه فلا محالة إذا كان فعلية البعث مستتبعة للمفسدة لا يعقل الانشاء بهذا الداعي إلا متقيدا بما يستتبع مفسدة عند فعليته فتدبر.
وأما إن اتفق إحراز المصلحة وإحراز عدم المفسدة المانعة من البعث فربما يتوهم الحكم بثبوت البعث والزجر المولويين نظرا إلى أن إحراز العلة التامة يستلزم إحراز المعلول إلا أنه بناء على ما قدمناه من أن حقيقة البعث والزجر المولويين هو الإنشاء بداعي جعل الداعي فمع العلم بالمصلحة الغير المزاحمة بشئ يجب عقلا تحصيلها فان ترك تحصيل الغرض اللزومي الذي لا مانع من