ذلك.
قلت: وجوبها العقلي واقعا ليس إلا بمعنى حكم العقل بوجوبه على تقدير إحراز ما فيه من المصلحة الملزمة، وعليه فالحكم بوجوب تحصيلها، تارة من حيث اشتمال الفعل على المصلحة الموافقة لغرض المولى سواء كانت راجعة إلى المولى أو إلى العبد، وأخرى من حيث اشتماله على نفس المصلحة من دون نظر إلى الموافقة للغرض المولوي.
فان أريد الأول: فهو أجنبي عما نحن فيه، فان وجوب تحصيلها بملاحظة أن ترك المصلحة الموافقة للغرض اللزومي المولوي خروج عن زي الرقية كنفس مخالفة التكليف المولوي فهو بعنوان الظلم قبيح عقلا لا من حيث كونه ذا مصلحة ملزمة أو ذا مفسدة كذلك، ويناسب اللطف بمعنى القرب إلى الطاعة، فان البعث ح مقرب إلى موافقة الغرض المولوي.
وإن أريد الثاني: فقد عرفت أن المصالح الواقعية وإن صحت عليتها للأحكام المولوية لكنها لا تجب أن تكون من المصالح العمومية الباعثة على تطابق آراء العقلاء على مدح فاعلها وذم تاركها.
نعم، هنا وجوب عقلي بمعنى اخر غير التحسين والتقبيح العقلائيين فان بعض الأعمال حيث إنه يؤثر في كمال النفس وصقالة جوهرها لتجلى المعارف الإلهية التي هي غاية الغايات من خلق الخلق فلا محالة لا يرى العقل بدا منه، فالمراد باللزوم العقلي ليس هو البعث ولا التحسين والتقبيح العقلائيين بل الضرورة العقلية واللا بدية الفعلية، وهذا أيضا أجنبي عما نحن فيه، ولعله إليه يرجع ما أفاده السيد العلامة الداماد - قده - (1) في شرح هذه القضية المعروفة من " أن الواجبات السمعية ألطاف في الواجبات العقلية " بملاحظة أن الأعمال البدنية والمناسب الجسدية توجب استعداد النفس لإشراق المعارف الربوبية والعلوم الحقيقية التي هي واجبات عقلية، فالواجبات السمعية تقرب النفس إلى