خصصناها باسم المشهورة، إذ لا عمدة لها إلا الشهرة وهي آراء لو خلى الانسان وعقله المجرد ووهمه وحسه ولم يؤدب بقبول قضاياها والاعتراف بها ولم يمل الاستقراء بظنه القوى إلى حكم، لكثرة الجزئيات ولم يستدع إليها ما في طبيعة الانسان من الرحمة والخجل والأنفة والحمية وغير ذلك لم يقض بها الانسان طاعة لعقله أو وهمه أو حسه، مثل حكمنا " أن سلب مال الإنسان " قبيح، " وأن الكذب قبيح " لا ينبغي أن يقدم عليه إلى اخر كلامه "، وعبر (1) عنها أخير بأنها من التأديبات الصلاحية، وجعل منها ما تطابق عليه الشرائع الإلهية ومنها الناشئة عن الخلقيات والانفعالات.
وقال العلامة الطوسي (2) - قده - في شرح كلامه: ومنها أي المشهورات كونه مشتملا على مصلحة شاملة للعموم كقولنا " العدل حسن " وقد يسمى بعضها بالشرايع الغير المكتوبة، فان المكتوبة منها ربما لا يعم (3) الاعتراف بها، وإلى ذلك أشار الشيخ بقوله وما تطابق عليه الشرايع الإلهية.
ومنها: كون بعض الأخلاق والانفعالات مقتضية بها، كقولنا " الذب عن الحرم واجب " و " ايذاء الحيوان لا لغرض قبيح " إلى أن قال - ره - " والآراء المحمودة هي ما يقتضيه المصلحة العامة أو الأخلاق الفاضلة "، الخ (4) وسلك هذا المسلك العلامة قطب الدين صاحب المحاكمات (5) فذكر أيضا أن هذا القسم من المشهورات من التأديبات التي يكون الصلاح فيها كقولنا " العدل حسن والظلم قبيح " وما يتطابق عليها الشرايع (6)، كقولنا " الطاعة واجبة " وإما خلقيات وانفعالات (7)، كقولنا " كشف العورة قبيح " و " مراعاة الضعفاء محمودة " الخ.
وتوضيح ذلك بحيث يكون كالبرهان على صحة ما ذكروه، هو أن كون العدل والإحسان مشتملة على مصلحة عامة ينحفظ بها النظام، وكون الظلم والعدوان