عقلاء، وهو الذي يصح التعبير عنه بالتأديبات الصلاحية.
فان الحكم بالمدح والذم على العدل والظلم موجب لما فيه صلاح العامة، دون المدح والذم المترتب عليهما لداع حيواني، فإنهما لا يترتب عليهما مصلحة عامة، ولا يندفع بهما مفسدة عامة، فالاقتضاء لهذا المعنى ليس محل الكلام وثبوته وجداني.
والاقتضاء بالمعنى الثاني هو محل الكلام بين الأشاعرة وغيرهم، وثبوته منحصر في الوجه المشار إليه مرارا من أن حفظ النظام وبقاء النوع المشترك بين الجميع محبوب للجميع وخلافه مكروه للجميع، وهو يدعو العقلاء إلى الحكم بمدح فاعل ما فيه المصلحة العامة وذم فاعل ما فيه المفسدة العامة، وعلى ما ذكرنا فالمراد بأن العدل يستحق عليه المدح والظلم يستحق عليه الذم هو أنهما كذلك عند العقلاء وبحسب تطابق آرائهم لا في نفس الأمر كما صرح به المحقق الطوسي - قده - (1) حيث.
قال: إن المعتبر في الضروريات مطابقتها لما عليه الوجود، والمعتبر في هذا القسم من المشهورات كون الآراء عليها مطابقة.
وقال: في مورد اخر (2)، وذلك لان الحكم إما أن يعتبر فيه المطابقة للخارج أولا، فإن اعتبر وكان مطابقا فهو الواجب قبولها والا فهو الوهميات وان لا يعتبر فهو المشهورات: الخ وعليه فمن الغريب ما عن المحقق الحكيم السبزواري في شرح الأسماء (3) من دخول هذه القضايا في الضروريات وانها بديهية و " أن الحكم ببداهتها أيضا بديهي، وأن جعل الحكماء إياها من المقبولات العامة التي هي مادة الجدل لا ينافي ذلك، لأن الغرض منه التمثيل للمصلحة أو المفسدة العامتين المعتبر فيه قبول عموم الناس لا طائفة مخصوصين، وهذا غير مناف لبداهتها، إذ القضية الواحدة يمكن دخولها في اليقينيات والمقبولات من جهتين، فيمكن اعتبارها في البرهان والجدل باعتبارين بهذه الأحكام من العقل