كما مر الكلام فيه، وسيجيئ انشاء الله تعالى، وعلى فرض كون استحقاق العقاب بجعل الشارع فهو غير مختص بالمقام ليكون فارقا بين الكشف والحكومة، بل مخالفة التكليف الذي قامت عليه حجة شرعية أو عقلية توجب استحقاق العقاب شرعا، هذا كله:
إن قلنا بمنجزية العلم الاجمالي أو ايجاب الاحتياط الطريقي وتضييق دائرة الواقعيات المنجزة وحصرها في المظنونات، وحينئذ فالفرق بين تبعيض الاحتياط في خصوص المظنونات وحجية الظن على الحكومة، بالاعتبار، فان القائل بالتبعيض يعمل بالظن رعاية للاحتياط اللازم بهذا المقدار، والقائل بحجية الظن يعمل به من باب كفاية الامتثال الظني بعد التنزل عن الامتثال العلمي للواقعيات المنجزة وإن كان لازم كلا القولين سقوط الواقعيات عن التنجز في غير دائرة المظنونات.
وأما إن قلنا بسقوط العلم الاجمالي عن التأثير كلية بعد عدم رعاية الموافقة القطعية لما مر مرارا من عدم إمكان التفكيك بين حرمة المخالفة القطعية بسبب العلم الاجمالي المؤثر ووجوب الموافقة القطعية، وقلنا، بعدم إمكان ايجاب الاحتياط الطريقي بداعي تنجيز الواقع لعين ذلك المحذور كما قدمناه، فلا محالة لا منجز للواقعيات المعلومة بالإجمال بالعلم الغير المنجز لها على الفرض، والعلم بعدم جواز ترك امتثال الاحكام بالمرة المعلوم بالاجماع والضرورة غير صالح لنفسه بتنجيزها فان هذا العلم كالعلم الاجمالي وايجاب الاحتياط الطريقي من حيث لزوم المحذور من تنجيزه للواقعيات مطلقا أو بمقدار المخالفة القطعية، وليس متعلقا بأحكام أخر غير تلك الأحكام على الفرض، ولا معنى للعلم بعدم جواز ترك الامتثال بمعنى استحقاق العقاب على مخالفتها من دون مبلغ لها إلى مرتبة البعث والزجر والتنجز.
نعم، هو صالح للكشف عن تنجزها بمنجز شرعي أو عقلي في مقدار منها.
ولذا ذكرنا سابقا أن معنى المقدمة الثالثة المتكفلة لعدم جواز ترك الامتثال بالمرة، هو العلم بالجهة الجامعة المنتزعة من وجوب الاحتياط كلية، ومن العمل على طبق الأصول الموردية ومن العمل على طبق المشكوكات والموهومات