في الظن بالواقع فلا ظن بالفراغ عن الواقع المنجز بسبب العلم الاجمالي أو بسبب الظن بالواقع بحيث يكتفى به عند العقل عن الواقع المنجز، فان العقل انما يكتفى به إذا كان الواقع في ضمن غيره ساقطا عن التنجز وهنا ليس كذلك إلا إذا فرض جريان المقدمات في الطريق أيضا فيكون مؤدياتها في ضمن مظنوناتها منجزة بحيث يكتفى بها عن الواقع، هذا كله بناء على أن الحجية بمعنى جعل الحكم المماثل المنبعث عن مصلحة بدلية، وأما إذا كانت بمعنى الانشاء بداعي تنجيز الواقع عند المصادفة والعذر عند المخالفة فالأمر أوضح.
لان الأحكام الطريقية مرتبة فعليتها وتنجزها واحدة، فما لم يصل الحكم الطريقي لا يكون منجزا ولا معذرا فالظن به في الحقيقة ظن بالانشاء بداعي تنجيز الواقع لا ظن بالمنجز والمعذر بالحمل الشائع حتى يفيد فائدة الظن بالواقع، بل قد ذكرنا في مسألة جعل الطريق أن جعل الحكم المماثل ان كان بداعي ايصال الواقع بعنوان اخر فهو أيضا كذلك من حيث وحدة مرتبة فعليته وتنجزه، إذ لو كفى وجود الحكم واقعا في الباعثية والزاجرية لما كانت حاجة إلى جعل الحكم المماثل بهذا العنوان.
ومما ذكرنا تبين حال الحجية بمعنى اعتبار وصول الواقع وأنه هو، فان الاعتبار المزبور لا يجدى مع عدم وصوله علما أو علميا، إذ ما لا وصول له بنفسه لا يعقل أن يكون موصلا لغيره.
ورابعا: انما يكون المهم الظن بالفراغ، لأن المفروض عنده - قده - (1) وعند الشيخ الأعظم - قده - في (2) الرسائل إجراء مقدمات الانسداد في كيفية إطاعة الاحكام المنجزة، فإنه يصح أن يقال حينئذ أن الغرض ليس امتثال الاحكام باتيان متعلقاتها بل المهم الفراغ عنها والخروج عن عهدتها.
واما بناء على ما سلكناه من إجراء المقدمات في جعل الاحكام الواقعية