عنده الامارة، فلا حكم واقعي مشترك بين الكل.
بخلاف الوجه الثالث فان المصلحة في سلوك الأمارة الحاكية عن الحكم الواقعي وفى تطبيق العمل عليها من حيث إن مدلولها حكم واقعي فعنوانها مقتض لثبوت (1) الحكم الواقعي لا مناف له، ولذا قال - ره - في أواخر كلامه من أن " هذا من وجوه الرد على المصوبة " (2) لا أنه تصويب.
والتحقيق: أن الفارق إن كان مجرد ثبوت الحكم الواقعي عنوانا على الوجه الثالث حيث إن الأمر بتطبيق العمل على الأمارة بملاحظة كون مدلولها حكم الله دون الوجه الثاني الذي لا شأن للأمارة إلا الوساطة في ثبوت مصلحة في ذات الفعل كسائر الأسباب. ففيه: أن ثبوت الحكم عنوانا مع عدم ثبوته الواقعي إنشاء وفعلا غير مجد، لخلو الواقع حقيقة عن الحكم بمرتبة إنشائه وفعليته، وإن كان الفارق قيام المصلحة على الوجه الثاني بذات الفعل وعلى الثالث بعنوان اخر فلا تزاحم.
ففيه: أن ذلك العنوان إن كان منطبقا على الفعل فلا فرق في باب التزاحم بين الملاكين بين ما إذا كانا قائمين بذات الفعل أو بذات الفعل وبعنوانه المتحد معه وجودا، وأما تخيل أن المصلحة في الاستناد إلى الأمارة وهو ليس من عناوين الفعل. فمدفوع: بأن المراد، إن كان قيام المصلحة بالعمل المستند إلى الأمارة فهو غير مجد، إذ الفعل بذاته له ملاك وبما هو متحيث بحيثيته له ملاك اخر، لكنه لا يجوز اجتماع الحكمين أيضا، فان الحكمين في المتحيث بذاته وبعنوانه، وإن كان المراد قيام الملاك بنفس الاستناد فهو فعل قلبي لا يجب في غير التعبديات المحقق لدعوة الأمر فيها مع أن قيام المصلحة بشئ يدعو إلى البعث نحوه لا إلى غيره وإن كان ملزوما له فمن أين وجوب فعل الجمعة ظاهرا مثلا، ومنه تبين أن ما في بعض نسخ فرائد الشيخ الأجل - قده - من فرض المصلحة في الأمر غير صحيح.