التنزيل.
ومن الواضح: أن اعتبار أي معنى كان في نفسه خفيف المؤنة، ولا يصح إلا بلحاظ أثر يترتب عليه، وإلا فجميع الاعتبارات متعلقة بمعان لو تحققت في الخارج لكانت من الأمور التكوينية، فلا اختصاص للاعتبار بخصوص الإحراز وإضافة العلم إلى الخارج، هذا مع قطع النظر عن فساد جميع ما ذكر من الجهات المزبورة في صفة العلم كما أشرنا إلى بعضها فيما تقدم (1)، وتفصيل القول موكول إلى فنه. ثم إن الاعتبار الذي هو من القسم الثاني لا يصح إلا إذا كان هناك أثر بحيث يكون نفس الاعتبار موضوعا له، فيكون تحقيقا لموضوع الأثر، لا من باب اعتبار موضوع ذي أثر.
ومن الواضح: أن الإحراز الحقيقي له آثار عقلية وآثار شرعية، فاعتبار ذلك الموضوع حيث إنه لا أثر مجعول له بما هو اعتبار لا يوجب ترتب تلك الآثار العقلية أو الشرعية إلا بالخلف بجعل الأثر لشئ بعنوان أنه موضوعها الحقيقي.
وتوضيح ذلك: أن الأثر المترتب على العلم بما هو إحراز حقيقي بذاته، إما عقلي أو شرعي، فالأول كالمنجز واستحقاق العقوبة على مخالفة التكليف الواصل، والثاني كالحرمة والنجاسة مثلا - المترتبتين على ذات الخمر أو على الخمر المعلوم.
فإن كان من قبيل الأول، وإن كان موضوع استحقاق العقوبة مخالفة التكليف المعلوم حقيقة، فاعتبار الإحراز في الأمارة إذا لم يستتبع جعل المنجز شرعا لا يجدي شيئا، حيث لا يترتب على مخالفة التكليف المحرز بالاعتبار شئ، فلا يكون الاعتبار محققا لموضوع ذي الأثر ولا كاشفا عن موضوع ذي أثر، وفرض كلام هذا القائل (2) أن اعتبار الإحراز لا يوسع دائرة الموضوع في مقام الثبوت والواقع ولو كشفا، بل يوسعها في مقام الإثبات، ولا معنى للتوسعة في مقام الإثبات إلا اعتبار الأمارة بعنوان الإحراز الذي هو موضوع الأثر، فهو جعل الأثر