وكذا ليس ملاك النفسية كون الواجب حسنا بنفسه فان الحسن بذاته لا لغاية مترتبة على ذاته أيضا منحصر في المعرفة، ولا لذاته يوجب انتفاء الفارق بين النفسي والغيري، لأنها جميعا حسنة بالتبع، بل الحق في الفرق ان ما وجب على المكلف لا لواجب آخر عليه فهو واجب نفسي، وما وجب لواجب آخر عليه فهو واجب غيري، فالصلاة وإن كانت لغرض إلا أنها واجبة لا لواجب آخر حيث لا يجب الغرض وشرائط الصلاة واجبة لوجوب الصلاة، ولذا قلنا إنه لو أمر زيدا بشراء اللحم فهو واجب نفسي وإن كان الغرض من شرائه طبخه ثم أكله، بل ربما يكون الطبخ واجبا على عمرو، وعليه فلا مانع من أن يكون الفحص واجبا نفسيا أي واجبا لا لواجب آخر عليه، فان الغرض من الفحص هو وصول التكليف المصحح لباعثيته، فالغرض منه مرتبط بالغرض من الايجاب لا بالغرض من الواجب حتى يكون الفحص مقدمة وجودية لترتب الغرض من الواجب الواقعي فهو من حيث إنه واجب لا لواجب آخر عليه لعدم ترشح وجوبه من وجوبه واجب نفسي، وحيث إن الغرض منه جعل التكليف قابلا للباعثية فهو واجب طريقي، فالواجب النفسي في قبال الواجب الغيري، والواجب الحقيقي في قبال الواجب الطريقي، فالواجب النفسي على قسمين لا أن الواجب الغيري على قسمين ايجاب مقدمي غيري وايجاب للغير كما قيل، فإنه كما مر بلا وجه لانحصار جعل الداعي في الواجب النفسي والواجب المقدمي الغيري للبرهان المتقدم.
فان قلت: إذا كان الغرض من أوامر التفقه ايصال الواقع الذي عليه طريق تنزيلا واعتبارا فهو منجز للواقع المزبور. وإذا كان بداعي جعل الداعي ليحصل العلم حتى يتنجز الواقع بوصوله فنتيجة (1) ترك تحصيله عدم وصول المولى إلى غرضه من الايجاب والواقعي فيكون تفويتا للتكليف وللغرض منه فما المنجز .