وخلاف عدم الوجوب هو الوجوب ومعنى الغاء احتمال الخلاف الغاء حكمه وهو وجوب الاحتياط أو استحبابه، هذا على الحكومة كما يراها شيخنا العلامة الأنصاري - قده - (1).
وأما الورود التنزيلي فتقريبه أن مفاد أدلة حجية الخبر جعل الوصول الظني بالخبر منزلا منزلة الوصول الحقيقي الذي اثره التنجيز تارة والاعذار أخرى أو جعل الحكم المماثل بلسان وصول الواقع عنوانا كما سيجئ انشاء الله تعالى تفصيله في محله، فمع الوصول التنزيلي لا شك ولا احتمال تنزيلا كي يترتب عليه حكمه براءة كان أو احتياطا أولا واقع عنونا حتى يحتمل فيرتب عليه حكمه، وأما إن كان الاحتياط حسنا وراجحا عقلا فقط فلا حكومة ولا ورود تنزيلي لدليل الحجية، إذ لا حكم للاحتمال شرعا حتى يعقل التعبد بعدمه بأحد الوجوه المتقدمة. لكنك قد عرفت سابقا أن رجحان الاحتياط شرعا بمعنى تعلق الطلب الوجوبي أو الاستحبابي من الشارع بما هو شارع بملاك مولوي لا يعقل إلا مع رجحان الاحتياط نفسيا وهو خلاف ظاهر عنوان الاحتياط الذي ليس له شأن إلا التحفظ على الواقع فلا غرض منه إلا الواقع فلا معنى لرجحانه الشرعي، بل الأوامر الاحتياطية إما إرشادية أو طريقية لا مصلحة فيها إلا الواقع، فعلى الارشادية لا حكم من الشارع حتى يتوهم التعارض أو الورود والحكومة، وعلى الطريقية فمعناها جعل الاحتمال مبلغا للمحتمل إلى مرتبة الفعلية وجوبا كان أو استحبابا فإذا كان الخبر الحاكي عن عدم الحكم طريقيا أيضا كان معناه جعل عدمه فعليا فلا محالة يتعارض دليل الاحتياط الشرعي ودليل حجية الخبر على وجه الطريقية بالمعنى المذكور. ثم إن رجحان الاحتياط عقلا ليس بملاك احراز المصلحة والتحرز عن المفسدة كما هو ظاهر المتن (2)، بل لأن الانقياد للأمر المحتمل من حيث إنه انقياد للمولى حسن بل الانقياد فيه أعظم من الانقياد للأمر .