القصد لا من حيث القدرة.
16 - قوله: أن حسن المؤاخذة والعقوبة إنما يكون من تبعة بعده عن سيده إلخ:
قد أشرنا (1) آنفا إلى أن الكلام، تارة في ما يوجب استحقاق العقاب عند العقلاء، وأخرى فيما يقتضي إجراء العقاب ممن خولف أمره ونهيه، وأحد الأمرين لا دخل له بالآخر، والكلام هنا في مرحلة الاستحقاق عقلا كما هو المقتضى تحرير البحث منه - دام ظله - (2) وموضوعه كما عرفت بالبرهان ليس إلا الهتك الاختياري المنطبق على فعل ما أحرز أنه مبغوض المولى، وانتهائه إلى الإرادة الأزلية غير ضائر، إذ انتهاء سلسلة الاختيار إليه " تعالى "، كما يصح عند العقلاء الذم والعقاب لمولى عرفي بالنسبة إلى عبده، كذلك له " تعالى " بالإضافة إلى عبيده، وإلا لما صحت المؤاخذة للموالي العرفية بالإضافة إلى مماليكهم، كما هو واضح.
وأما فعلية التعذيب وإجراء العقاب من رب الأرباب مع استحالة التشفي منه " تعالى " فقد تعرضنا لها في حواشينا على الطلب والإرادة (3) بما لا مزيد عليه، فلا حاجة إلى الإعادة، فما أفاده - دامت إفاداته - (4) في المقام من أن العقوبة من تبعة التجري ولو كان غير اختياري.
إن أراد ما هو الجواب في باب إجراء العقاب من أنه من تبعات الأقوال ولوازم الأعمال، كما يساعده البرهان وظواهر القرآن، فهو وإن كان أحد الأجوبة الصحيحة إلا أن الكلام هنا في استحقاق العقاب عقلا وهو مشترك بين الواجب [الوجود] وسائر الموالي العرفية، فلا معنى لتعليل الاستحقاق بذلك.
وإن أراد - مد ظله - أن الاستحقاق يترتب على ما ينتهي إلى الذات والذاتيات وإن كان بلا اختيار، كيف وينتهي بالآخرة إلى ما لا بالاختيار؟ ففيه: أن الاستحقاق العقلي لا بد من أن يترتب على أمر اختياري وإن انتهى بالآخرة إلى ما لا بالاختيار،