لم يكن عليه منجز عقلي، كما في ملاقي ما قام عليه المنجز الشرعي فإنه لا منجز شرعي على الملاقي ومع ذلك يجب الاجتناب عنه بتبع تنجز الحكم في ملاقاة.
قلت: أولا، أن دليل المنجز الشرعي كما يدل بالمطابقة على تنجز وجوب الاجتناب عن ما قامت البينة على نجاسة كك يدل بالالتزام على وجوب الاجتناب عن ملاقيه وليس هذه الدلالة في طرف المنجز العقلي الذي هو بحكم العقل.
وثانيا، إذا كان احتمال التكليف المقرون باحتمال آخر هو المنجز للتكليف المحتمل عقلا صح قياس المنجز العقلي بالمنجز الشرعي، وأما إذا كان المنجز هو العلم وكان احتمال التكليف المنجز بالعلم هو المقتضى لوجوب الموافقة القطعية فلا مجال للقياس، فان ملاقي ما قامت عليه البينة ملاق لما تنجز حكمه بالمنجز الشرعي قطعا، بخلاف ما نحن فيه، فان المنجز هو العلم والمعلوم هو المنجز، ولا ملاقي للمعلوم لا اجمالا ولا تفصيلا بل احتمالا فقط.
ومن جميع ما ذكرنا تبين عدم صلاحية العلم الاجمالي في هذه الصورة لوجوب الاجتناب عقلا عن الملاقى، ومع عدم المقتضى عقلا بوجوب الاجتناب لا وجه للاستناد إلى المانع كما هو ظاهر الشيخ الأعظم - قدس سره - في رسالة البراءة (1) وفى كتاب الطهارة (2) حيث استند في عدم وجوب الاجتناب عقلا عن الملاقى إلى سلامة أصالة الطهارة فيه عن المعارض، فإن انحلال العلم بجريان الأصل الغير المعارض انما يحتاج إليه إذا كان مع عدم الانحلال مقتضيا لوجوب الاجتناب، وليس باب العلم لاجمالي باب ترتيب اثار الطاهر والنجس - بما هما طاهر ونجس - ليتوهم الحاجة فيه إلى إجراء الأصل، بل بابه باب تأثير العلم في وجوب الاجتناب عقلا وعدمه، فافهم جيدا.