يشهد لها ما ورد في بيان الحكم المقتضية لحرمة مالا يؤكل لحمه من الميتة والسباع والمسوخ، بل في المسوخ عللت حرمتها بأنها حيث كانت في الأصل مسوخا فاستحلالها استخفاف بعقوبة الله تعالى حيث مسخها، ومن الواضح أن المصالح والمفاسد وعلل الاحكام ليست بنفسها تعبدية ولا مما رتب عليها حكم شرعي بترتب شرعي بل سبب واقعي لأمر شرعي، فلا معنى للتعبد بها تعبدا بحكمها. ثم إنه لو فرض أن الخصوصية الموجبة للقابلية غير المصالح والمفاسد من المحتمل أن تكون تلك الخصوصية ذاتية ككونه غنما أو بقرا أو إبلا مثلا، لا خصوصية قائمة بالغنم والبقر والإبل حتى إذا شك وجودها في حيوان اخر يقال إنها مسبوقة بالعدم بعدم ذلك الحيوان ومع وجود الحيوان قطعا يشك في وجود تلك الخصوصية بوجود الحيوان، بل حيث إن الخصوصية ذاتية فلا ينحل إلى ما هو مقطوع الوجود وما هو مشكوك الوجود، بل هذا المقطوع وجوده إما قابل بذاته للحلية والطهارة أو غير قابل بذاته لهما، وتعيين الحادث بالأصل غير صحيح.
ثم اعلم أنه على تقدير أن تكون تلك الخصوصية خصوصية وجودية قائمة بالحيوان مقتضية للحل والطهارة بذبحه بشرائطه فهي إنما تكون قابلة للتعبد وجودا وعدما إذا رتب عليها ولو بنحو القيدية الحلية والطهارة ليكون دخلها شرعيا وترتبهما عليها ترتبا شرعيا، مع أنه لا موقع للدخل شرعا ولا للترتب شرعا إلا إذا اخذ الشئ في موضوع المرتب عليه الحكم الشرعي إما بنحو الجزئية أو بنحو القيدية ليقال يدخله في السبب الشرعي للحل والطهارة.
نعم، إن كان عنوان التذكية عنوانا ثبوتيا متحقق بالذبح مثلا بشرائطه شرعا وكان هذا العنوان الثبوتي الاعتباري الشرعي موضوعا للحل والطهارة تارة وللطهارة أخرى، فدخل الخصوصية في الحيوان وإن كان واقعيا شرعيا يجدى في مقام الحكم بعدم ثبوت التذكية لمكان الشك في محصلها، ولا حاجة إلى التعبد بتلك الخصوصية أو بالذبح المتخصص بتلك الخصوصية حتى يقال لا حكم لتلك الخصوصية شرعا لا بنحو الجزئية ولا بنحو القيدية بل التعبد بذلك