كذلك وكفايته في ذلك كما نبهنا على ذلك في أوائل الكتاب (1)، لا يوجب الوقوع دائما، مع أنه يستحق العقاب على هتكه في جميع موارد التجري وأما الإشكال على المصنف بأن عنوان الهتك والجرئة على المولى، كما يصدق على القصد والعزم، كذلك على الفعل، فغير وجيه، إذ بعد فرض صدقه على القصد يستلزم ترتب عقابين، لتحقق الملاك في كل من القصد والفعل، وهما مقولتان متباينتان ليس بينهما اتصال على حد اتصال الأمور التدريجية، ليكون الكل هتكا واحدا، بل هناك على الفرض معنونان بهذا العنوان، وكل من الفعلين فيهما ملاك استحقاق العقوبة، فالصحيح مع انطباق العنوان الموجب للاستحقاق إلا على الفعل الاختياري.
فإن قلت: ما ذكرت من انطباق عنوان الهتك على الفعل المتجرى به إنما يستتبع استحقاق العقوبة إذا صدر عن اختيار، حيث إن الحسن والقبح العقليين من صفات الأفعال الاختيارية، مع أن المتجري إنما قصد هتك مولاه بشرب الخمر الواقعي والمفروض عدم حصوله، فلم يصدر منه هتك اختياري بل سيأتي إنشاء الله من الأستاد العلامة - أدام الله أيامه - (2) موافقا لما في تعليقته المباركة (3) أنه لم يصدر منه فعل اختياري أصلا، إذ ما تصوره وهاجت رغبته إليه واشتاقه وهو " شرب الخمر " لم يصدر منه، وما صدر منه وهو " شرب الماء " فلم يتصوره، ولم يمل إليه، ولم يقصده، فكيف يكون اختياريا مع عدم مبادي الاختيار.
قلت: الحركة لا تخلو عن كونها إما بقسر القاسر، أو بالطبع، أو بالإرادة، وشرب هذا المايع الشخصي المشار إليه بالإشارة الحسية ليس معلولا لقسر القاسر ولا للطبع قطعا بل معلول للإرادة، غاية الأمر أن تعلق الإرادة الشخصية بهذا المايع الحسي بواسطة اعتقاد أنه الخمر وتخلفه، لا يوجب كون هذا الشراب الشخصي بلا إرادة، وبالجملة الشوق الكلي إلى شرب الخمر يتخصص بشرب