المحتملة لئلا يقعوا فيها لا يقتضى الا الوقوع فيها مع عدم الفرار، مع أن الكلام هنا الوقوع في العقاب باقدامه على الضرر المحتمل ليكون بيانا واردا على قاعدة قبح العقاب بلا بيان فهذا الشق والشق الأول متعاكسان، فهناك يكفي نفس احتمال العقاب سواء التزم بدفعه العقلاء أم لا، وهنا لا يكفي التزامهم بدفعه بل لا بد من اثبات الذم عليه عقلا حتى يستحق العقاب عليه شرعا، وحينئذ نقول ان حكم العقل بدفع المفسدة، اما من حيث عنوان المفسدة لان المذموم عندهم ليس الا باعتبار كونه ذا مفسدة واما من حيث عنوان الضرر كما هو مفروض المقام وظاهر قاعدة دفع الضرر المحتمل.
اما من حيث عنوان المفسدة فقد بينا في مبحث الظن (1) عند التعرض للتحسين والتقبيح العقليين، ان المصلحة والمفسدة الملحوظتين في التحسين والتقبيح العقليين هي المصالح العامة والمفاسد العامة بمعنى ان العدل حيث إنه بنوعه ينحفظ به النظام كان حسنا وان الظلم حيث إنه بنوعه يختل به النظام كان قبيحا، فمصلحة انحفاظ النظام ومفسدة اختلاله من حيث نوعي العدل والظلم هي الموجبة للبناء على مدح فاعل العدل وذم فاعل الظلم، ومن الواضح ان مصالح الأحكام الشرعية ومفاسدها لا تجب ان تكون انحفاظ النظام واختلاله بل مصالح خاصة أو مفاسد خاصة ربما تختلف من حيث الاشخاص والأحوال والأزمان، فالصلاة مثلا، وان كانت من حيث كونها تعظيما للمولى حسنة لأنها احسان إلى المولى الا ان وجوبها الشرعي ليس من حيث كون الاحسان إلى المولى والانقياد له مما ينحفظ به النظام بل من حيث إنها حركات خاصة توجب استكمال نفس العبد مثلا، وهكذا سائر الواجبات، وكذا الامر في مفاسد المحرمات فإنها لا توجب بنوعها اختلال النظام وقد بينا في مسالة الملازمة بين حكمي العقل والشرع في البحث عن حجية الظن من باب الحكومة أو الكشف تفصيل ذلك ومعنى الملازمة فراجع (2)، واما من حيث عنوان الضرر نظرا إلى أن المفاسد مضار واقعية والعقل يحكم بدفعها بل لعل المضار الدنيوية هي