التكليف الواقعي حقيقة أو عرضا على الوجهين المتقدمين معارضة للدليل النافي لفعليته وإن كان المراد جعل عدم التكليف الواقعي فعليا ظاهرا كما اخترناه وحققناه نظرا إلى أن عدم فعلية التكليف بعدم المقتضى أو لوجود المانع غير مجعول بل المجعول الذي له رفع ووضع شرعا هو الايجاب انشاء وعدمه انشاء فقوله (ع) " رفع ما لا يعلمون " بمنزلة لا يجب ما لا يعلم وجوبه ولا يحرم ما لا يعلم حرمته بنحو الجعل والانشاء فهو وارد على اخبار الاحتياط لان موضوع اخبار الاحتياط هو التكليف المجهول ودليل الرفع دليل على عدمه الواقعي فعلا فلا موضوع كي يصير فعليا بالذات أو بالعرض فلا يبقى مجال لملاحظة النسبة بين الدليلين من حيث العموم والخصوص.
فان قلت إن أدلة الاحتياط لها الورود على حديث الرفع من وجه اخر لا يبقى مجال لجعل عدم التكليف فعليا لان ايجاب الاحتياط ان كان نفسيا على الوجه المختار فالواقع مما علم وجوبه بعنوان آخر، والظاهر من " ما لا يعلمون " ما لا يعلم وجوبه من جميع الوجوه وإلا كان معلوم الوجوب حقيقة، ولا يشترط كون الشئ معلوم الوجوب بجميع عناوينه في جريان البراءة عنه جزما وان كان طريقيا فهو وان كان غير معلوم الوجوب حقيقة لان الانشاء ليس بداعي جعل الداعي بل بداعي تنجيز الواقع على تقدير ثبوته الا ان المراد من العلم مطلق الحجة القاطعة للعذر (1) فحديث الرفع يكون متكفلا لجعل عدم التكليف الذي لا منجز له فعلا والاحتمال بدليل الاحتياط منجز له شرعا فيكون رافعا لموضوع حديث الرفع.
قلت الظاهر من " ما لا يعلمون " التكليف الذي لا يعلمونه فحديث الرفع كحديث الاحتياط يتضمن جعل الوظيفة لمن لا يعلم التكليف لا جعل الوظيفة لمن لا يعلم تكليفه ولمن لا يعلم وظيفة عدم العلم بتكليفه وقد مر الكلام فيه في