إرادة الإباحة الشرعية واقعية كانت أو ظاهرية، بناء على إرادة الصدور من الورود فلا مناص من حمل الإباحة على إباحة الأشياء قبل الشرع بمعنى اللا حرج الفعلي، فإنها محدودة ومغياة بعدم صدور الحرمة الشرعية، فيكون الخبر دليلا على هذه الإباحة لا الإباحة (1) الشرعية الظاهرية المبحوث عنها هنا، إلا أن حمل الإباحة على الإباحة المالكية قبل الشرع التي يحكم بها عقل كل عاقل بعيد غير مناسب للإمام عليه السلام المعد لتبليغ الاحكام، خصوصا بملاحظة ان الخبر مروى عن الصادق عليه السلام بعد ثبوت الشرع واكمال الشريعة خصوصا في المسائل العامة البلوى التي يقطع بصدور حكمها عن الشارع، فلا فائدة في الإباحة مع قطع النظر عن الشرع، وعليه فالمراد من الورود هو الورود على المكلف المساوق لوصوله إليه والمراد بالاطلاق هو الترخيص الشرعي الظاهري وعدم تقيد المكلف ظاهرا بطرف الترك أو بطرف الفعل فيكون دليلا على المسألة، والتعبير عن الوصول بالورود تعبير شائع لا ينسبق إلى أذهان أهل العرف وغيره، بل الظاهر كما يساعده تتبع موارد الاستعمالات ان الورود ليس بمعنى الصدور أو ما يساوقه، بل هو معنى متعد بنفسه، فهناك بلحاظه وارد ومورود فيقال " ورد الماء " و " ورد البلد " و " وردني كتاب من فلان " وان كان بلحاظ اشراف الوارد على المورود وبما يتعدى بحرف الاستعلاء.
نعم، ربما يكون الوارد أمرا له محل في نفسه كالحكم فيقال ورد فيه نهى مثلا فالموضوع محل الوارد لا مضايف الوارد، بل مضايفه من ورده هذا التكليف الخاص ولذا لا يصح ان يقال بالإضافة إلى الموضوع " ورده نهى " بل " ورد فيه " بخلاف المكلف فإنه الذي ورده التكليف أو ورد عليه بلحاظ اشرافه عليه وبالجملة: نفس معنى الورود متعد بنفسه إلى المورود ولمكان التضايف لا يعقل الوارد الا بلحاظ المورود وليس المورود هنا الا المكلف دون محل الوارد، ولذا لو لم يكن الوارد محتاجا إلى المحل لا يتعدى الا بنفسه أو بحرف الاستعلاء