اضرار لا يجدى الا إذا صدر بعنوانه عن علم وعمد، فوجوب دفع الضرر المحتمل يحتاج إلى بناء اخر من العقلاء دون ذلك البناء وحيث إن المحتمل ليس فيه الا المفسدة الواقعية على فرض ثبوتها.
بداهة ان محتمل المفسدة ليس بأعظم من مقطوعها فليس في المحتمل بناء بملاك التحسين والتقبيح العقليين، نعم يعقل منهم بناء آخر بنحو البناء على حجية الظاهر أو حجية خبر الثقة بحيث تتنجز المفسدة الواقعية المحتملة باحتمالها على تقدير ثبوتها الا انه لا طريق إليه الا فرار العقلاء من الضرر المحتمل لئلا يقعوا فيه، لا ان فرارهم هذا لحكمة نوعية تدعوهم إلى الفرار كما في البناء على العمل بالظاهر أو بخبر الثقة حتى يكون هذا البناء بضميمة امضاء الشارع أو عدم ردعه عنه موجبا لمنجزية الاحتمال شرعا، ومن جميع ما ذكرنا تبين انه لا صحة لوجوب دفع الضرر المحتمل لا بملاك التحسين والتقبيح العقليين ولا بملاك اخر يجدى في المقام.
206 - قوله: حيث إنهم لا يحترزون مما لا تؤمن مفسدته (1) الخ:
الأولى تسليم احترازهم وعدم الدلالة على أنه بملاك التحسين والتقبيح، والا فاحترازهم عن المفسدة المحتملة إذا كانت ضررا دنيويا مما لا يكاد ينكر كما أن اذن الشارع لا يكشف عن انه لو خلى ونفسه لا يكون قبيحا بل عن انه ليس موضوعا تاما للقبح " كالظلم " على ما عرفت تفصيله (2) ويجدي القبح في نفسه للخصم عند ملاحظة القاعدتين العقليتين كما عرفت، واما ما حكى عن شيخ الطائفة (3) - قده - من استشهاده بقبح الاخبار عما لا يعلم، فهو مدفوع بأنه ليس من اجل كونه محتملا للكذب بل من اجل كونه اغراء بالجهل على حد الاخبار عما يعلم عدمه والوجه في قبحه اشتراكه مع الكذب في العنوان القبيح.