مضافا إلى أن دليل الاحتياط إذا كان عاما كان دليل البراءة لغوا، فان مثل هذا الدليل ظاهر في الشبهة الحكمية، ومع قيام الدليل على الاحتياط في كل محتمل التكليف لا مجال للتوسعة حينئذ.
نعم، إذا قلنا باختصاصه بالشبهة التحريمية كان مورد التوسعة على الشبهة الوجوبية، مع أن معنى الخبر إذا كان التوسعة ما دام لا يعلمون، فظاهره كون المورد مما يقبل تبدل جهل بالعلم، وهذا انما يكون في التكاليف الواقعية التي يمكن قيام الطريق عليها بعد الجهل بها، بخلاف التكليف الظاهري اللزومي، فان دليل الاحتياط متحقق من الأول فلا مجال لان يقال " هم في سعة ما دام لا يعلمون " فتدبر. ويندفع الايراد على التعميم بان غرضه - قده - (1) من الوجوب النفسي هو الوجوب المنبعث عن مصلحة أخرى ما وراء مصلحة الواقع ومثله ليس وظيفة عملية للجاهل بحكمه حتى لا يعمه مالا يعلمون، بل هو كالحكم الواقعي، غاية الامر ان عنوانه عرضي للعنوان الواقعي.
نعم، وجوب الاحتياط نفسيا بالمعنى الذي بيناه سابقا (2) المساوق للامر الطريقي وظيفة عملية للجاهل بالواقع، فيرد عليه ما أوردناه لكنه غير مراد من أدلته (3) - قده -.
واما ان كان الاحتياط واجبا طريقيا فيمكن ان يقال بورود دليل الاحتياط أيضا بناء على إرادة مطلق الحجة القاطعة للعذر من العلم، فمفاد دليل البراءة حينئذ هي التوسعة فيما لم تعم حجة على الواقع وبعد ان كان احتمال التكليف منجزا بدليل الاحتياط كان كما وردت امارة وقلنا بان معنى حجيتها منجزيتها للواقع فكما لا شبهة في ورودها على دليل البراءة كذلك ينبغي ان لا يرتاب في ورود دليله على دليل البراءة.
فان قلت: كما أن دليل البراءة موضوعه ما لم يعلم بمعنى عدم الحجة