أحدهما (1): ان ورود الخبر مورد الامتنان يقتضى ان الجهات الموجبة للمنة برفع الاحكام والآثار هي هذه العناوين المأخوذة في الخبر من الجهل والخطاء والنسيان والاكراه والاضطرار، فإذا كانت هذه الجهات مقتضية لرفع تلك الأحكام فلا محالة ليست بما هي مقتضية لثبوتها إذ لا يعقل ان يكون العنوان الواحد مقتضيا لطرفي النقيض، فموضوعات تلك الأحكام المستدعية لها ذات المجهول وذات ما أكره عليه وهكذا، وعليه فلا يكون الخبر رافعا لاثار الخطاء والنسيان بما هما حتى يلزم ورود التخصيص الكثير عليه.
ثانيهما: ان هذه العناوين الظاهرة في العنوانية على حد سائر العناوين المأخوذة في موضوعات القضايا، الا انها موضوعات لنفى الحكم لا للحكم المنفى، فقوله " رفع الاكراه " ينحل إلى قضية موضوعها الفعل المكره عليه بما هو كذلك، ومحمولها نفى الحكم عنه بما هو كذلك، ومفاده لا يحرم الفعل المكره عليه وحيث إن العنوان موضوع لنفى الحكم فلا محالة موضوع الحكم المنفى غيره، لاستحالة اقتضاء الشئ للمتنافيين، فالتحفظ على ظاهر القضية وظهور العنوان في العنوانية بضميمة البرهان يدل على أن موضوع نفى الحكم شئ وموضوع الحكم المنفى شئ اخر، ولو لم يكن الخبر واردا مورد الامتنان ولا معنى لجعل حكم الخطاء موضوعا وجعل رفعه محمولا حتى يكون مفاد القضية ان حكم الخطاء مرفوع، فان المحمول لكل موضوع باقتضاء موضوعه بنحو من الاقتضاء، ويستحيل اقتضاء الشئ لعدم نفسه، فلا محالة الخطاء موضوع مقتض لرفع الحكم عن نفسه. والتحقيق ان الامر وان كان كذلك في العنوان المقتضى لثبوت الحكم والمقتضى لنفيه لكنه حيث إن رفع المذكورات في الخبر بعنوان رفع الحكم برفع موضوعه فلا بد ان يكون الموضوع المرفوع موضوع الحكم المرفوع لا موضوع رفع الحكم، والا فلو كان الموضوع موضوع رفع الحكم لكان رفعه مفيدا لضد المقصود إذ رفع موضوع الرفع يقتضى رفع الرفع وثبوت الحكم لا نفيه، وحينئذ فيتوجه الاشكال المتقدم من ظهور الخبر في رفع حكم الخطاء