وتقديمه على الوثوق الفعلي بعدمه، خصوصا إذا كان الظن بعدم الصدور حجة عند العقلاء، لانبعاثه عن ما (1) بنوا على حجيته وان لمن يكن حجة شرعا، فإنه وان لم يكن له المانعية شرعا الا ان عدم المانع شرعا انما يفيد مع وجود المقتضى لحجيته عند العقلاء.
وقد مر مرارا ان بناء العقلاء على العمل بخبر الثقة مفيد بعدم ما يكون حجة عندهم على خلافه، وليس للعمل اطلاق حتى يتوهم انه لهم بنائان، أحدهما مطلق والاخر مقيد حتى يرفع اليد عن أحدهما شرعا ويبقى الثاني. واما الظن بعدم الظهور فهو أيضا على المشهور غير مانع عن حجية الظهور لعدم تقيدها بالظن الفعلي على وفاقه ولا بعدم الظن على خلافه.
وقد ذكرنا في مبحث حجية الظاهر (2) انه يمكن التقييد بالثاني وان الظن بالخلاف ان كان حجة عند العقلاء يوجب انتفاء المقتضى اثباتا بالبيان المذكور انفا، فلا بد من التكلف بان يجعل المنع عن اتباع الظن شرعا أمرا بالملازمة باتباع الظاهر الذي قام الظن المنهى عنه على خلافه، فيكون الدليل الشرعي بالملازمة دليل على حجية الظاهر شرعا ومثله أيضا جار في المنع عن الظن بعدم صدور الخبر، فافهم وتدبر هذا هو الكلام في الكبرى.
واما الصغرى: فمنها اعراض المشهور عن الرواية سندا أو عدم الاعتناء بظهورها فان كان كاشفا قطعيا عن خلل في سندها لا من حيث عدم وثاقة المخبر فإنه خلف لفرض تمامية اقتضائها للاستناد إليها بل من حيث احتفافها بقرينة موجبة للقطع بخطاء المخبر، أو عن خلل في الدلالة من حيث احتفافها بما لا يكون معه ظاهرا في ما هو ظاهر فيه بنفسها فلا كلام، واما ان كان كاشفا ظنيا عن ذلك لاحتمال الاستناد إلى ما هو الأرجح دلالة منه بنظرهم لا من حيث خلل في السند أو الدلالة فلا يكون الاعراض موهنا، وهذا اخر ما أردنا ايراده في مباحث القطع والظن والحمد لله أولا واخرا والصلاة على محمد وآله باطنا وظاهرا.