واحتمال الاستحقاق يكفي في ذلك سواء كان منشأ الاحتمال الجهل بالتكليف أو بما يترتب عليه مع الترتب عليه جزما لو كان ثابتا واقعا فلا يجب عقلا تحصيل المعرفة هذا كله إن كان المراد بالايمان المطلوب في باب العقايد مجرد الالتزام القلبي وعقد القلب ولو على الواقع وأما إن كان المراد به العلم التصديقي بشئ مع الثبات عليه بعدم الميل إلى الشكوك والشبهات المزيلة لأثر العلم بل لنفسه أحيانا.
فالدليل على وجوب الايمان باليوم الاخر والعقاب على عدمه من الآيات القرآنية في غاية الكثرة بل ظاهر جملة منها عده في عداد الايمان بالله وبرسله وكتبه.
ولا منافاة بين اعتباره في الايمان الموجب للخلود في النعيم وعدم اعتباره في الاسلام الموجب لحقن الدم وأشباه ذلك من الطهارة والتناكح والمواريث فلا يضر به الجهل به ما لم ينكره بلسانه نعم العلم بالخصوصيات غير لازم وإن كان التدين بها بعد العلم بها لازما ومن المعلوم أن الآيات المتكفلة للايمان باليوم الآخر تدل على وجوب الايمان به من حيث نفسه لا من حيث إن ثبوت اليوم الآخر مما أخبر به القرآن أو النبي أو كونه ضروريا فهذه العناوين انما يحتاج إليها فيما لم يكن نص على وجوب الايمان به بنفسه لا كالايمان باليوم الاخر المنصوص بنفسه.
وأما أن وجوبه نفسي أو انه لما فيه من البعث على الطاعة والتجنب عن المعصية فقد مر الكلام فيه لكنه يمكن ان يقال إن الايمان باليوم الآخر راجع إلى الايمان برجوع الكل إلى الله وكونه (تعالى) غاية الغايات ككونه مبدء المبادئ من الكمالات النفسانية التي بها حياة النفس ابدا.
فوجوب معرفته عقلي على حد وجوب معرفته بكونه الفاعل الذي ينتهى إليه فعل كل فاعل وكذا كونه غاية ينتهى إليها كل غاية وأما وجوبه عقلا بالمقدار الذي قالوا بوجوب معرفة الله تعالى ومعرفة رسله وأوصيائهم (ع) من باب احتمال الضرر في تركه فهو ثابت هنا أيضا بعد ما ذكرنا من دلالة الآيات على وجوب الايمان به بل هو أولى بذلك لعدم جريان الاشكال المتقدم في لزوم