مع ثبوت تأثيرها في السفليات كذلك شمس فلك الوجود وإن غاب عن الحس لكنه له التأثير في نظام التكوين، والا فعدم انتفاع العموم بعلومه بشخصه مما لا ينبغي إنكاره، ثم انه لو لم نقل لهذه المرتبة وقلنا بأن نصب الإمام لمجرد تبليغ الاحكام فغيبة الإمام عليه السلام لا تنافى وجوب نصبه على الله (تعالى) أيضا.
بيانه: أن جعل التكاليف وإرسال الرسل ونصب الحجج (عليهم السلام) لإخراج المواد المستعدة للسعادة الدائمية والشقاوة الأبدية إلى مرحلة الفعلية، وحقيقة السعادة بالإقبال على الله (تعالى) بالقيام بوظايف العبودية، وحقيقة الشقاوة بالاعراض عن الله (تعالى) بعدم القيام بوظايف العبودية وهما معنيان متقومان بالاختيار وانبعاث الفعل والترك عن مقام القلب، فاللازم في هذا الباب جعل ما يمكن أن يكون داعيا وباعثا أو زاجرا وناهيا بالإمكان الذاتي والوقوعي وان لم يحصل الانبعاث أو الانزجار في الخارج بسوء الاختيار، وكذا بعث الرسول ونصب الامام أيضا، حيث إنه مقدمة لمثل هذا التكليف فهو أيضا بهذه المثابة، فاللازم بعث من يمكن تعلم التكاليف منه وكذا نصب من يكون كذلك، فسد باب التعلم ووصول الحكم عادة بسوء الاختيار كما لا يبطل حقيقة التكليف إذا كان بمثابة بحيث لو تفحص عنه لوصل، كذلك لا يبطل نبوة النبي وإمامة الإمام (ع)، ومجرد علمه تعالى بعدم امتثال المكلف للتكليف أو عدم الانقياد للنبي (ص) أو للإمام (ع) لا يوجب لغوية الجعل أو البعث أو النصب، وذلك لأن آثار السعادة والشقاوة ولوازمها تابعة لفعلية السعادة والشقاوة وفعليتهما تابعة لفعلية التكليف وفعلية بعث الرسول ونصب الإمام (ع)، فالعلم بأن المادة قابلة للسعادة أو الشقاوة لا توجب الاستغناء عن التكليف المبلغ له إلى السعادة الفعلية أو الشقاوة الفعلية.
نعم سد باب الانتفاع بالنبي (ص) أو بالامام (ع) لا يوجب الاثم إلا على من استند إليه ولا إثم على من لم يستند إليه، والكلام ليس في ترتب الإثم على العموم بطغيان الخصوص بل في عدم لغوية نصبه وبعثه مع القطع بحسبه مثلا، وسد باب الانتفاع به كما في التكليف اما بسد باب وصوله أو بعدم امتثاله، وبقية الكلام في علم الكلام.