الأمرين معينا فلا معنى للالتزام بنحو التخيير الشرعي لفرض تعيينية الواجب شرعا ولا للالتزام بنحو التخيير العقلي كما في المتزاحمين لأن المفروض وجوب أحدهما معينا لا كليهما ليتوهم انه مع عدم القدرة على امتثالهما معا يتخير عقلا بين امتثال هذا أو ذاك.
واما عقد القلب على الواقع اجمالا فلا معنى له إلا عقد القلب على الجهة الجامعة والغاء الخصوصية واستحالة تعلق عقد القلب بالواقع بخصوصه لما مر مرارا (1) أن العلم والشوق وكذا عقد القلب لا توجد مطلقا غير متعلق بشئ في النفس ولا يعقل تعلقها بما هو غير حاضر في أفق النفس كما لا يعقل تعلقها بأحد الأمرين بخصوصه مرددا إذ المردد لا ثبوت له ذاتا ووجودا ماهية وهوية فلم يبق الا تعلقها بالجهة الجامعة القابلة للانطباق على الحصة المتقررة في كل واحد من الأمرين فالمعقود عليه بالذات نفس الجهة الجامعة عنوانا والمعقود عليه بالعرض ما يطابقها بما هي لا بما لها من الخصوصية.
لاستحالة الاختلاف بين المعلوم بالذات والمعلوم بالعرض والمعقود عليه بالذات والمعقود عليه بالعرض بالزيادة والنقصان أو بسائر جهات الاختلاف فيدور الأمر حينئذ بين عقد القلب على الجهة الجامعة وهو الاحتياط الناقص وعقد القلب على المظنون بخصوصه فان الجهة الجامعة وإن كانت منطبقة على المظنون أيضا إلا أن الالتزام بالمظنون بخصوصه لا يقتضى الالتزام بالجهة الجامعة حتى يرتفع الدوران بل يقتضى الالتزام بالحصة المتخصصة بالخصوصية المظنونة فقط.
بخلاف الالتزام بالجهة الجامعة ابتداء فإنها قابلة للانطباق على الحصة الأخرى في ضمن غير المظنون ففي الالتزام بالجهة الجامعة موافقة قطعية بمقدار بخلاف الالتزام بالمظنون فإنه يحتمل معه ترك الالتزام بأصل الواقع فيدور الأمر بين رعاية الخصوصية ظنا ورعاية الجامع قطعا، والثاني يتعين عقلا، فهذا هو الوجه في عدم التنزل إلى الامتثال الظني دون ما يتراءى (2) من العبارة من