وإن كان المراد من الضرر المحتمل في ترك تحصيل المعرفة هو العقاب فالعقل يستقل بدفعه، لكنك عرفت في هذا المبحث وفى المباحث المتقدمة إذ لا بعث من العقل نحو تركه ودفعه ولا يندرج مثله تحت قاعدة التحسين والتقبيح العقليين، نعم: كل ذي شعور بالجبلة والطبع لا يقدم على العقاب مقطوعا كان أو محتملا، ومثله يكفي في دعوته نحو تحصيل المعرفة إلا أنه حيث لا يتم ذلك الا بعدم جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان فربما يفترق تحصيل معرفة الله (تعالى) عن تحصيل معرفة النبي (ص) أو الوصي (ع).
فان عدم جريان القاعدة بلحاظ انها لا تجرى إلا بعد الفحص الموجب لحصول المعرفة لوجود أسبابها خارجا المقتضية لحصولها.
وانما لا تجرى قبل الفحص عقلا لما مر وسيجيئ انشاء الله تعالى في محله من أن الاقتحام في الفعل والترك مع عدم البحث والفحص عن أمر المولى ونهيه اللذين لم يعلما عادة إلا بالفحص والبحث عنهما مع علمه بأنه غير مهمل، خروج عن زي الرقية ورسم العبودية وهو ظلم على المولى فيستحق به العقاب وهذا في معرفة النبي (ص) والوصي لا غبار عليه.
واما في معرفته (تعالى) فمشكل إذ بعد لم يثبت مولوية لأحد عليه حتى يقال إنه بعدم الفحص عن معرفته ظالم عليه إلا أن يقال إن احتمال وجود المولى وأعمال المولوية منه يصح احتمال العقاب نظرا إلى أن الحجة الواقعية على ثبوت المولوية وأعمالها إذا كانت بحيث لو تفحص عنها لظفر بها، يكفي في تنجيز الواقع واستحقاق العقاب، كما هو أحد الطريقين في لزوم الفحص.
نعم، فيه محذور آخر وهو ان المفروض انه لا دليل عقلي على وجوب تحصيل المعرفة إلا قاعدة دفع الضرر المحتمل وهذه القاعدة متفرعة على وجود تكليف واقعا يتنجز بمجرد احتماله قبل الفحص، ولا ايجاب في هذا الفرض إلا من (1) الشارع مع أنه لا يعقل الايجاب المولوي الباعث نحو الفعل إذ قبل