بالمفرغ الأعم من الواقعي والجعلي أو خصوص المفرغ الجعلي - لا تصل النوبة بعد انسداد باب العلم بالفراغ إلا إلى خصوص الظن بالمفرغ الجعلي دون الظن بالواقع أو الأعم من الواقع والطريق.
أما على الأول: فلأن أداء الواقع بما هو واقع لا أثر له عند العقل بل الأثر لأدائه في ظرف وجدان العقل، فالمفرغ هو أداء الواقع المعلوم حتى يكون مفرغا في وجدان العقل، فليس الظن بأداء الواقع ظنا بما هو مفرغ في جميع الأنظار، ولا ظنا بما هو مفرغ في نظر الشارع أو باعتبار الشارع بخلاف الظن بالطريق فإنه يوجب الظن بالفراغ بما هو نظر الشارع أو بحسب اعتباره.
وأما على الثاني: فالأمر أوضح لأن الوظيفة الأولية كانت تحصيل العلم بالفراغ في نظر الشارع أو في اعتباره بالخصوص، فلا يتنزل إلا إلى الظن بما كان العلم به علما بالفراغ منه وهذا ما يمكن أن يوجه به كلامه (1) رفع مقامه.
ومما ذكرنا يظهر: اندفاع ما أورده شيخنا الأستاذ - قده - (2) من عدم كون تفريغ الذمة بحكم الشارع مولويا بل بحكم (3) العقل إرشادا، وجه الاندفاع: أن هذا المعنى راجع إلى جعل الحجية بمعنى المنجزية تارة، والمعذرية أخرى، وهو جعلي مولوي لا عقلي ارشادي، وأوضح اندفاعا منه ما أورده (4) ثانيا من تسليم الحكم المولوي والتسوية بين الظن بالواقع والظن بالطريق في حصول الظن بالفراغ بحكم الشارع بدعوى أن الاستلزام المزبور بملاحظة أن النصب يستلزم الحكم بالفراغ، والتكليف بالواقع أيضا يستلزمه، ضرورة أن الاتيان بما كلف به واقعا يلزمه حكم المولى بالفراغ، وإلا لزم عدم اجزاء الأمر الواقعي، وهو واضح