العقلاء في مثله على عدمه. ولعله أشار إليه بقوله (1) فافهم. فليس الأمر كما أفاده شيخنا العلامة الأنصاري (2) - قده - من رجوع الأصول الوجودية إلى الأصول العدمية ولا كما أفاد شيخنا العلامة الأستاذ - قده - في تعليقته (3) الأنيقة، وأشار إليه هنا من رجوع الأصول العدمية إلى أصالة الظهور.
والتحقيق أن مدرك حجية الظواهر بمالها من الخصوصيات كما مر مرارا بناء العرف والعقلاء عملا، فهو المتبع في أصل الحجية وخصوصياتها ومن البين كما مر انه ليس من العقلاء بناءان، أحدهما على اتباع الظاهر مطلقا، والاخر على أمر اخر بحيث يكون أحد البنائين مقيدا للاخر، بل العمل على الظاهر الذي ليس على خلافه ما هو أقوى منه كشفا فمع عدم الكاشف الأقوى يكون العمل على طبق الظاهر، ومع وجوده يكون العمل على طبق الأقوى كشفا.
ومن الواضح أن الكاشف المتقيد بعدمه البناء العملي على اتباع الظاهر ليس الكاشف بوجوده الواقعي حتى يجدى عدمه الواقعي من باب عدم المانع ويكون إحتماله احتمال المانع، ليقال بأن بناء العقلاء عند احتمال وجوده على عدمه، بل حيث إن الاقتضاء من الطرفين في مرحلة التأثير في نفوس العقلاء من حيث البناء العملي على اتباع الظاهر وعدمه فلا محالة لا تأثير من الطرفين ثبوتا إلا بلحاظ وجودهما الواصل لا وجودهما الواقعي، فتأثير وجوده، الواقعي في قبال تأثير الظاهر الواصل مستحيل جدا.
وأما تأثير احتمال وجوده في قبال الظاهر الواصل فهو خلف، إذ المفروض أن الظاهر حجة مع احتمال وجود كاشف أقوى فلا يعقل إعتبار مانعيته مع بناء العقلاء على اتباع الظاهر حتى مع احتمال كاشف أقوى ولو ببنائين، لكونهما متنافيين، وليس كمانعية وجوده الواقعي القابل للبناء على عدمه عند إحتماله، مع أن تأثير وجود الكاشف احتمالا في قبال وجود كاشف اخر قطعا بعيد جدا، مع أن مقتضى مانعية وجوده الاحتمالي هو بناء العقلاء على عدم مانعية وجوده الاحتمالي لا البناء على عدم المحتمل، لأن وجوده الواقعي لا أثر له حتى يبنى