نهاية الدراية في شرح الكفاية - الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهانى - ج ٢ - الصفحة ١٤٣
الأقدس " تعالى وتقدس "، وكما أن حقيقة العلم نحو من الحضور وهو " تعالى " حاضر ذاته لذاته وبتبع حضور ذاته لذاته يعلم مصنوعاته كذلك هو عز اسمه وجود صرف، والوجود المحض محض الخير والخير المحض، محض الرضا والابتهاج والمحبة، ومن أحب شيئا أحب أثاره (1).
ومنه يعرف الخبير أنه لا أثر للإرادة التشريعية في صفاته تعالى، ثم إنزال الكتب وإرسال الرسل والبعث والزجر من جملة النظام التام الذي لا أتم منه نظام، فتكون مرادة بالإرادة التكوينية كما في غيره تعالى على ما عرفت سابقا. فافهم أو ذره في سنبله فكل موفق لما خلق له.
61 - قوله: فلا محاله ينقدح في نفسه الشريفة (2) الخ:
قد عرفت سابقا أن الإرادة التشريعية تمتاز عن التكوينية بتعلقها بفعل الغير، وذلك إنما يعقل إذا كان للفعل المراد فائدة عائدة إلى المريد، بداهة أن الشوق النفساني إلى شئ بنفسه لا يعقل إلا عن فائدة عائدة إلى ذات الفاعل أو قوة من قواه، وهو غير ثابت في الأحكام الشرعية فإن مصالح متعلقاتها تعود إلى المكلفين دون الشارع.
نعم، إرادة البعث والزجر معقولة حتى في المبدء الأعلى وهي إرادة تكوينية كما عرفت، وأما ما أفاده (3) - قده - من أن الحكم الموحى به حكم شأني فلا معنى لظاهره إلا الحكم الثابت بثبوت المصلحة بنحو ثبوت المقتضى بثبوت المقتضى فيرجع الأمر إلى أن الموحى به نفس المصلحة الباعثة على الحكم، وليس الحكم

(١) فان المراد بالذات في مرتبة الذات نفس الذات، ولا يعقل أن يكون شئ مرادا بالعرض إلا ما يوجد في دار الوجود بتبع الذات، فما يكون مأمورا به إنما يكون مرادا بالإرادة الذاتية إذا كان مما يوجد في الخارج لدخله في النظام التام، وهو حينئذ مراد بالإرادة التكوينية، وأما ما لا يوجد في الخارج وإن كان مأمورا به فهو لا يعقل أن يكون مرادا بتبع مرادية الذات، إذ ليس من آثاره ومعاليله ومجعولاته حتى ينبعث من الذات وابتهاجه الذاتي إرادة وابتهاج بما له التخصص في مرتبة الذات كي يعقل أن يكون الابتهاج الذاتي ابتهاجا به بالعرض وبالتبع فافهم جيدا فإنه دقيق منه عفى عنه.
(٢) كفاية الأصول: ج ٢، ص ٤٩ وكفاية الأصول: ٢٧٧، (ت، آل البيت).
(٣) كفاية الأصول: ج 2، ص 49، س 14، إلا أنه إذا أوحى بالحكم الشأني.
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست