لزوم تحصيل الغرض لنفسه، تارة يراد به الغرض بما هو غرض أي المصلحة الباعثة الداعية، فسبيله سبيل موافقة الامر بما هو أمر المولى أو تحصيل مراد المولى بما هو مراده، فكذا تحصيل غرضه بما هو غرض له داع إلى ارادته وبعثه.
وأخرى تحصيل ذات الغرض أعني نفس المصلحة اللزومية بذاتها ولذا لا ريب في أنه إذا علم بأن ولد المولى غريق ولم يلتفت إليه المولى حتى يدعوه إلى إرادة انقاذه والبعث نحوه يجب عليه عقلا انقاذه، لكونه ذا مصلحة لزومية بحيث لو التفت إليها المولى لانقدح في نفسه الداعي إلى البعث إليه والجواب عنه:
أما على الوجه الأول: بقسميه: فبأن تحصيل الغرض إنما يجب إذا انكشف بحجة شرعية أو عقلية لا الغرض الواقعي الذي لا حجة عليه عقلا ولا شرعا، فإنه كالأمر الواقعي والإرادة الواقعية التي لا حجة عليهما فإنه ليس من زي الرقية وعدم الخروج عن رسم العبودية تحصيل اغراض مولاه الواقعية التي لا حجة عليها. وأيضا الأمر بشئ يصلح للكشف عن سنخ غرض يفي المأمور به ولا يصلح للكشف عن سنخ غرض لا يفي به.
إذ المفروض اللم بالغرض من طريق العلم بمعلوله، والعلة والمعلول متوافقان سعة وضيقا، وعلى هذا فإن لم نقل بانحلال العلم الاجمالي بالأمر فالعلم حجة على الأمر المردد والامر المردد حجة على الغرض المردد، فيجب تحصيله، وأما إذا قلنا بالانحلال فلا حجة على الامر المردد بل على الامر بذات الأقل فقط، فالغرض الواقعي إن كان مما يفي به الأقل فقد تمت عليه الحجة، وإن كان مما لا يفي به إلا الأكثر فلا حجة عليه فلا يجب تحصيله فهذا البرهان يتوقف على تمامية البرهان الأول على استحالة الانحلال وإلا فلا، مع أن المفروض انه برهان آخر ولو لم يتم الأول.
وأما على الوجه الثاني: فبأن الغرض القائم بشئ يستحيل أن ينبعث عنه الشوق إلا إلى ذلك الشئ دون غيره، سواء كان مبائنا أو أعم أو أخص، والشوق إلى فعل يستحيل أن يحرك العضلات إلا إلى المشتاق إليه في الإرادة التكوينية ويستحيل أن ينبعث منه بعث إلا إلى المشتاق إليه في الإرادة التشريعية، وحيث