إن الأمر الواقعي لم يكن فعليا إلا بالنسبة إلى ذات الأقل فيكشف بمقتضى العلية والمعلولية عن فعلية الغرض بمقدار فعلية الامر. ولو كان الغرض الواقعي قائما بالأكثر وكان فعليا للزم على المولى جعل الاحتياط بجعل احتمال الأكثر تنجزا، و إلا لكان ناقضا لغرضه ولا ينافي ذلك وحدة الغرض وبساطته، لما فهمنا من الشرع أنه يمكن أن يكون ذا مراتب بحيث يصير فعليا بمرتبة دون مرتبة أخرى كما فيما إذا نسى بعض الاجزاء فإنه يصح الصلاة ولا تجب الإعادة ولا يعقل ذلك إلا إذا كان لما عدا (1) المنسى غرض فعلى بسببه تعلق به أمر فعلى، لاستحالة المعلول بلا علة، كما أن مقتضى عدم ايجاد الإعادة عدم فعلية الغرض القائم بالمجموع.
وبالجملة بعد امكان كون الغرض ذا مراتب غير منافية لوحدة الغرض وبساطته يكون الامر الفعلي من باب الكشف الإني حجة على غرض فعلى في متعلقه، فلا محالة يسقط بسقوطه. ومنه تبين صحة الانحلال من حيث الوجوب ومن حيث الفعلية والتنجز ومن حيث الغرض. وأما ما عن بعض أجلة العصر (2) في مقام الجواب عن هذا الوجه من أنه " لا يعقل بقاء الأمر مع اتيان متعلقه، لأنه يرجع إلى طلب الحاصل ". ففيه المحذور من وجهين.
أحدهما: أن الأمر على تقدير بقائه لا يقتضى ايجاد الموجود حتى يكون من باب طلب الحاصل بل مقتضاه ايجاد الطبيعة غاية الامر حيث علم أن مقتضاه ايجاد الطبيعة مرة واحدة كان بقائه على حاله بعد الجري على وفق مقتضاه خلفا، فان بقائه مقتض لايجاد الطبيعة مرة أخرى وهو خلف.
ثانيهما: أن استحالة شئ لا تسوغ وقوع محال اخر وهو انفكاك المعلول عن علته فان مقتضى بقاء الامر هو الخلف المحال، ومقتضى القطع بسقوطه مع الشك في سقوط الغرض الباعث عليه انفكاك المعلول عن علته، فلابد من إصلاح أمر الغرض بحيث لا يرد هذا المحذور ولا يندفع إلا بما ذكرنا.