تعالى (1) وعليه فيدور الامر في الطهارة وما يقابلها بين ان يكونا حكمين تكليفيين أو أمرين انتزاعيين من الحكم التكليفي أو من غيره أو اعتبارين وضعيين شرعيين على ما نراه من إعتبار معنى مقولي أو غير مقولي كما في إعتبار الملكية أو إعتبار الوضع والارتباط بين اللفظ والمعنى.
وقد ذكرنا في غير مقام ان مفاهيم هذه الألفاظ غير مفاهيم وجوب شئ (2) وإباحة شئ فلا يصح حمل إحديهما على الأخرى بالحمل الذاتي ولا بالحمل الشائع فلا وجه لجعلهما عين الحكم التكليفي وان قيام الامر الانتزاعي بمنشائه يصحح حمل العنوان المأخوذ منه عليه على حد قيام شئ بشئ انضماما مع أنه لا يصح حمل العنوان المأخوذ من الطهارة وما يقابلها على الحكم بل على متعلق الحكم كما لا يصح انتزاعهما من الأسباب للوجه المزبور.
واما انتزاعهما عن الأعيان أو عن البدن أو النفس فقد عرفت ما فيه آنفا (3) فلم يبق الا اعتبار الطهارة والنجاسة والحدث في عين أو شخص على حد إعتبار المالكية والمملوكية لمصلحة تدعو إلى اعتبارها.
ويمكن ان يقال ان النجس وما يساوقه مفهوما كالرجس والدنس والقذر ما يوجب تنفر الطبع في قبال الطاهر الذي ليس فيه ما يوجب تنفر الطبع، وتنفر الطبع ليس الا بلحاظ عدم الملائمة لقوة من القوى، فما فيه رائحة منتنة غير ملائم للشامة وما كان كريه المنظر غير ملائم للباصرة وما كان مرا للذائقة وما كان خشنا لللامسة وهكذا بالإضافة إلى القوى الباطنة واقتضاء شئ لتنفر الطبع السليم امر واقعي لا يزيد في الوجود على المقتضى بل هو ذاتي المقتضى إذا قلنا بان خصوصية الفاعلية والاقتضاء في الفاعل والمقتضى ليست من الكيفيات الاستعدادية بل ذاتي العلة كما عليه بعض الأكابر (4) والا كانت داخلة في