السماوات والأرض ليقولن الله) (1) إلى غير ذلك من الآيات (2)، ومن البين بعد التصديق بوجود المبدء أن النفس في حد ذاتها قوة محضة على إدراك المعقولات التي هي كمالها.
وأشرف الكمالات النفسانية معرفة المبدء بذاته وصفاته وأفعاله بالمقدار الممكن، فإن شرف كل علم وعقل بشرف معلومه ومعقولة وأفضل موجود وأكمله وجود المبدء، فمعرفة المبدء أشرف كمال وفضيلة للنفس، وبها نورانيتها وبها حيوتها كما أنه بعدم المعرفة أو بما يضادها ظلمانيتها وموتها.
والقرب الحاصل للجوهر النفساني من المبدء صيرورته وجودا إضافيا نوريا للمبدء خصوصا إذا كان بنحو الشهود الروحي، وبالأخص إذا فنى في مقام الاستغراق في الله الموجب لبقائه بالله (تعالى) فهذه المرتبة عين السعادة والابتهاج بشهود المبدء، كما أن عدمه عين البعد عن معدن النور والتخلد في عالم الطبيعة والحرمان عن ينبوع الحياة، وبقية الكلام في محله.