لزم ترجيح المرجوح.
وأما الترجيح من حيث الأسباب: فلان الظن بالاعتبار وإن لم يستلزم قوة في مقام الاثبات كما في الأول ولا قوة في مقام الثبوت كما في الثاني لكنه يمكن الترجيح به نظرا إلى أن الظن بحجية الظن بعدم التكليف مقتضاه الظن بعدم فعلية التكليف وإن كان ثابتا (1) في الواقع، بخلاف الظن بعدم التكليف فقط فإنه لا ظن بعدم فعليته على تقدير ثبوته واقعا فما يظن بعدمه وبعدم فعليته على تقدير ثبوته أولى برفع اليد عن الاحتياط فيه مما ليس كذلك، هذا ما يقتضيه حكومة العقل في مرحلة التبعيض والاحتياط.
وأما الثانية: وهي حكومة العقل في مرحلة حجية الظن بمعنى لزوم التنزل من الإطاعة العلمية إلى الإطاعة الظنية دون الشكية والوهمية، فنقول إن مورد التعميم والتخصيص هنا هي الظنون المثبتة للتكليف لا غير، فان ماله إطاعة علمية تارة وإطاعة ظنية أخرى، هي الواجبات والمحرمات المتنجزة بالعلم الاجمالي أو بايجاب الاحتياط الطريقي دون غيرهما (2) الذي لا تنجز له ولا إطاعة له أصلا.
ولا يخفى عليك أن وجه لزوم الترجيح مع وجود الرجحان لبعض الظنون على بعض، إما وفاء الظنون الراجحة بالمعلوم بالاجمال فلا مانع من جريان الأصول الموردية في غيرها، وإما وفاء الظنون الراجحة بمعظم الفقه فلا تتم المقدمة القائلة بعدم جواز اجراء الأصل في معظم الفقه، لكونه خلاف الضرورة وخروجا عن الدين وكلاهما غير صحيح.
أما الأول: فلانه مبنى على إمكان زيادة الظنون المثبتة التي هي طرق إلى التكاليف المعلومة بالاجمال المتنجزة بسبب العلم الاجمالي عليها مع أنه محال، لان العلم الاجمالي بمأة تكليف لا يجامع الظن التفصيلي بان تلك التكاليف مأة وخمسون، وإذا فرض عدم زيادة الظنون المثبتة على مقدار المعلوم بالاجمال