القطع بعدم حجيته لدى الشارع، وعدم كون المكلف معذورا - إذا عمل به فيهما - فيما أخطأ، بل كان مستحقا للعقاب - ولو فيما أصاب - لو بنى على حجيته والاقتصار عليه لتجريه، فافهم.
وثالثا: سلمنا أن الظن بالواقع لا يستلزم الظن به، لكن قضيته ليس إلا التنزل إلى الظن بأنه مؤدى طريق معتبر، لا خصوص الظن بالطريق، وقد عرفت أن الظن بالواقع لا يكاد ينفك عن الظن بأنه مؤدى الطريق غالبا.
فصل لا يخفى عدم مساعدة مقدمات الانسداد على الدلالة على كون الظن طريقا منصوبا شرعا، ضرورة أنه معها لا يجب عقلا على الشارع أن ينصب طريقا، لجواز اجتزائه بما استقل به العقل في هذا الحال، ولا مجال لاستكشاف نصب الشارع من حكم العقل، لقاعدة الملازمة، ضرورة أنها إنما تكون في مورد قابل للحكم الشرعي، والمورد هاهنا غير قابل له، فإن الإطاعة الظنية التي يستقل العقل بكفايتها في حال الانسداد إنما هي بمعنى عدم جواز مؤاخذة الشارع بأزيد منها، وعدم جواز اقتصار المكلف بدونها، ومؤاخذة الشارع غير قابلة لحكمه، وهو واضح.
واقتصار المكلف بما دونها، لما كان بنفسه موجبا للعقاب مطلقا، أو فيما أصاب الظن، كما أنها بنفسها موجبة للثواب أخطأ أو أصاب من دون حاجة إلى أمر بها أو نهي عن مخالفتها، كان حكم الشارع فيه مولويا بلا ملاك يوجبه، كما لا يخفى، ولا بأس به إرشاديا، كما هو شأنه في حكمه بوجوب الإطاعة وحرمة المعصية.
وصحة نصبه الطريق وجعله في كل حال بملاك يوجب نصبه وحكمة داعية إليه، لا تنافي استقلال العقل بلزوم الإطاعة بنحو حال الانسداد، كما يحكم بلزومها بنحو آخر حال الانفتاح، من دون استكشاف حكم الشارع بلزومها