لا بالبرهان المتقدم بل بعدم موضوعه، وهذا هو الصحيح كما مر مفصلا، وإن لم يكن محددا للموضوع بل كان الموضوع نفس اليقين السابق والشك اللاحق بما هما يقين وشك، وكان اعتبار اليقين بالخلاف من باب إعتبار الناقض، فمعناه إعتبار شئ شرعا يمنع عن فعلية التعبد الاستصحابي مع تمامية موضوعه في حد ذاته، فحرمة النقض في كل واحد تعينه ذاتا ولزوم النقض باليقين التفصيلي تعييني بتعين موضوعه للناقضية لأمر معين، وباليقين الاجمالي لزوم غير تعييني، لتردد موضوعه لفرض تعلقه عنده - قده - بالمردد المصداقي والأمر لنفس طبيعي الالزام، والتعينية وعدمها تستفاد بالبرهان من تعلقه بنحوين من الموضوع، وإذا كان المقتضى لحرمة النقض ذاتا في كل واحد موجودا والمانع لم يكن مانعا عن الجميع إذ لا يقين على خلاف كل واحد ولا على خلاف واحد معين في الواقع، إذ بخصوصه ليس طرف العلم بل المانع متساوي النسبة إلى المقتضيات، فمقتضاه ثبوت أحدهما بلا عنوان وسقوط أحدهما بلا عنوان، كما هو مسلكه - قده - في أمثال المقام لا سقوط الجميع، نعم، تعلق صفة حقيقية أو اعتبارية عندنا بأحدهما المردد مصداقا غير معقول، فثبوت أحدهما بلا عنوان وسقوط أحدهما بلا عنوان غير معقول، كما أن سقوط الجميع مع تعلق العلم الاجمالي بأحدهما المردد غير صحيح، فاعتبار ناقضية اليقين الاجمالي غير معقول، واعتبار تحديده للموضوع معقول، بل بناء على التعميم يجب جعله محددا للموضوع بالبرهان المتقدم سابقا.
[ج 2 -] وأما ما أفاده من الفرق بين صورتي العلم بوجود الحجة المعتبرة، ففيه: ان الحجة بوجودها الواقعي غير ناقض بل بوجودها الواصل، فالعلم بها مقوم لناقضيتها، فحجية الامارات واقعا - بعضا أو كلا - لا أثر لها بل للعلم بها، ويحسب الوجود العلمي الاجمالي دائما لا تميز لها، وتميزها الواقعي لا يوجب تميزها من حيث وجودها العلمي، حتى يتفاوت الحال من حيث حجيتها - كلا أو بعضا - بحسب الواقع، بل العلم الاجمالي بالحجة والعلم الاجمالي بارتفاع الحالة السابقة على حد سواء، خصوصا إذا كانت الحجية بمعنى جعل الحكم المماثل، فان العلم بالحجة ليس إلا العلم بخلاف المتيقن سابقا.