وأما جعله انشاء ابتدائيا فغير معقول، لأن السقوط وعدمه ليسا من أفعال المكلف حتى يؤمر به، ولا فرق في عدم المعقولية بين إضافة السقوط وعدمه إلى نفس الميسور أو إلى حكمه بل الحكم بعدم سقوط الحكم أولى بعدم المعقولية.
ولا يقاس بحرمة نقض الحكم المتيقن، فان النقض العملي عنوان لترك العمل بالواجب المتيقن وجوبه مثلا فالنهي عنه نهي عن ترك العمل، والأمر بالابقاء العملي أمر بالعمل، بخلاف السقوط وعدمه فإنه ليس عنوانا لفعل المكلف وتركه.
نعم، إن كان لا يسقط بالبناء للمجهول من الاسقاط كان نهيا عن الاسقاط وهو عنوان لترك العمل بالحكم الثابت أولا فيكون كالنهي عن النقض العملي، وهذا بخلاف ما إذا كان بعنوان الحكاية عن عدم السقوط فإنه يناسب التعبد بثبوت الحكم كناية، لأن لازم جعل الحكم للميسور كونه ثابتا غير ساقط، فتدبر جيدا.
291 - قوله: لا انها عبارة عن عدم سقوطه بنفسه الخ:
ليس المراد من عدم سقوطه بنفسه بقائه في عهدة المكلف وهو الذي ينسب إلى نفس الميسور لا إلى حكمه حتى لا يعم المستحبات، إذ لا عهدة لها، وليس المراد من عدم سقوطه كونه مطلوبا بالمطلوبية المطلقة حتى لا يجدى في الواجبات، بل ثبوت الموضوعات وسقوطها التشريعي المناسب لاخبار الشارع ثبوتها على وجه الموضوعية لحكمها أو سقوطها عن الموضوعية فالميسور من الواجب باق على موضوعيته للوجوب والميسور من المستحب باق على موضوعيته للاستحباب، وحيث إن الظاهر تعلق عدم السقوط بنفس الميسور الذي له معنى معقول فلا داعي إلى صرفه عن ظاهره بإرادة عدم سقوط حكمه بل المسامحة فيه أهون من المسامحة في عدم سقوط حكمه.
لأن وجوبه الغيري ساقط قطعا ولا يعقل التعبد بعدمه. ووجوبه النفسي غير ثابت من رأس فلا سقوط له ولا عدم السقوط. فلا بد من المسامحة بأحد الوجوه