ثانيها: أنه إذا انحل العلم الاجمالي بالقاعدة فلا أثر له في الطرف الآخر فما الملزم بفعل الأقل، ولازمه تجويز المخالفة القطعية. والجواب أنا لا نقول بلزوم سائر الأجزاء من ناحية العلم الاجمالي حتى يرد المحذور بل بلزومها بالأدلة الدالة على جزئية تلك الأجزاء، وأدلة الاجزاء لا تثبت إلا جزئيتها للواجب النفسي لا انه تثبت تعلق الامر النفسي بالأقل ليكون العلم الاجمالي منحلا بسببها، ويلزم الخلف من انحلاله مع قطع النظر عن حديث الرفع، ويكفي ثبوت جزئيتها للواجب النفسي في الالزام عقلا باتيانها ثبوت المؤاخذة على ترك الواجب النفسي بتركها.
ثالثها: أن رفع الجزئية لا يوجب انحلال العلم الاجمالي إلا بناء على الأصل المثبت، لان الجزئية ليست من أطراف العلم بل بلزومها من أطرافه، وإجراء القاعدة في نفس ما هو من أطراف العلم غير ممكن للتساقط بالمعارضة فلا يرتفع الامر النفسي عن الأكثر إلا بالملازمة العقلية.
والجواب عنه أولا، أن المورد ليس من موارد الأصل المثبت، إذ لا نريد التعبد بعدم الملزوم بالتعبد بلازمه، بل هما متلازمان في جميع مراتب وجودهما، فالجزئية الواقعية ملازمة عقلا لتعلق الامر النفسي واقعا بما يعم هذا الجزء والجزئية الفعلية ملازمة للامر النفسي الفعلي بما يعم الجزء. وكذا رفع الجزئية واقعا وفعلا فيكون حال ما نحن فيه حالا للازمه الأعم الواقعي والظاهري بحيث يكون التعبد محققا لموضوعه لا موجبا للتعبد به كوجوب المقدمة فإنه لازم عقلي لكل واجب واقعي أو ظاهري، وكما أن التعبد بجزئية شئ ظاهرا مستلزم عقلا لتعلق الامر فعلا بما يعمه كذلك التعبد بعدمها مستلزم لعدم تعلق الامر الفعلي بما يعمه عقلا. وبالجملة عدم الانفكاك عقلا ليس مخصوصا بواقعهما حتى يكون الاستلزام في مقام التعبد مبنيا على الأصل المثبت بل سار في جميع مراتب الواقع والفعلية.
وثانيا، أن رفع الجزئية وإن لم يستلزم رفع الامر النفسي عن الأكثر إلا أنه يرفع المؤاخذة على الواجب النفسي من قبل تركه بترك الجزء المشكوك، ولا أثر للعلم