والمقابل لا يقبل المقابل، فمفاد قولنا " زيد موجود و " زيد معدوم " و " زيد ليس بموجود " ليس إلا الحكاية عن الوجود في الأول وعن العدم في الأخيرين، والوجود الرابط بالمعنى المزبور غير النسبة الحكمية الموجودة في جميع العقود والقضايا، فان مفاد الوجود الرابط ثبوت شئ لشئ ومفاد النسبة الايجادية الحكمية كون هذا ذاك فيتصادقان أحيانا في الهلية المركبة الايجابية.
وأما في الهلية البسيطة الايجابية فالهوية الخارجية وإن كان مطابق مفهوم الموضوع ومفهوم المحمول فيصح أن يقال هذا ذاك في الوجود كما هو شأن الحمل الشائع، إلا أنه ليس هناك في الواقع ثبوت شئ لشئ بل ما في الواقع نفس ثبوت الشئ، وحيث إن ثبوت شئ لشئ فرع ثبوت المثبت له دون الثابت فيكون الوجود الرابط متحققا في " زيد بصير " و " زيد أعمى " مع أن العمى عدم البصر فيما من شأنه أن يكون بصيرا فيوجد الوجود الرابط في مورد الوجود الرابطي بالمعنى الأول وفى غيره، وحيث إن المحمول في مثل " زيد أعمى " أو الانسان ممكن " عدمي كان من الموجبة المعدولة المحمول، ويكون مفاد النسبة ربط السلب فان السلب في مثله جزء المحمول، وأما في السالبة المحصلة المركبة ك " زيد ليس بقائم " فكما لا وجود رابط كذلك لا عدم رابط، بل عدم الرابط. فان التحقيق على ما عليه قدماء الفلاسفة والمحققون من المتأخرين (1) أنه ليس العدم رابطا وليست النسبة على قسمين ثبوتية وسلبية، فان حقيقة النسبة المتحققة في جميع القضايا ليست إلا كون هذا ذاك، ومطابقها هوية واحدة هي وجود الموضوع والمحمول وما به اتحادهما، لا بما هو وجود كل منهما في نفسه، فهذا الاتحاد الجزئي المتصور تارة يذعن العقل بثبوته فالقضية موجبة وأخرى يذعن العقل بانتفائه فتكون القضية سالبة لا أنه بحسب الواقع شئ رابط هو عين الانتفاء والليسية (2)، فان العدم على أي حال لا شئ فلا معنى صيرورته ما به اتحاد الموضوع والمحمول وما به ارتباطهما بل الاتحاد المتصور والربط