ومنها: أن الواحد وإن انحل إلى المتعدد إلا أنه دفعي الوجود فكيف يعقل أن ينحل إلى أمور مرتبة في الوجود.
والجواب، أن ترتب هذه الأحكام التنزيلية في أصل جعلها طبعية (1) لا خارجية وقد مر مرارا (2) أن المتقدم والمتأخر بالطبع يمكن أن يكون لهما المعية في الوجود الخارجي بل لا يأبى عن الاتحاد في الوجود كالعلم والمعلوم بالذات والإرادة والمراد بالذات وأشباهها فالآثار المترتبة طبعا من حيث الموضوعية والحكمية متقارنات في الوجود لا ترتب لبعضها على بعض في الوجود فهي من حيث كون الحكم للخبر المتصل بالامام (ع) موضوعا للحكم في الخبر الثاني متقدم عليه طبعا لكنه من حيث الفعلية بالعكس، فان الخبر الأخير يكون حكمه من حيث كون موضوعه محتمل الحكم فعليا وبتبعه يكون الحكم المحتمل فعليا إلى أن ينتهى إلى حكم الخبر المتصل بالامام (ع)، والحكم المنقول عنه عليه السلام على النحو الذي بيناه في مسألة جعل الطريق (3).
ومنها: أن التعبد حيث إنه بلسان ايجاب التصديق، فإن كان التصديق جنانيا أمكن تعدده بعدد الاخبار، وأما إن كان عمليا فليس القابل للتصديق العملي الا الخبر المتصل بالامام (ع) فان وجوب صلاة الجمعة إذا أخبر عنه له تصديق عملي بفعل صلاة الجمعة بخلاف نفس وجوب التصديق فإنه سنخ حكم ليس له تصديق عملي بل تصديق جناني فقط.
ولذا ربما يتوهم: أن الخبر الأخير المتصل بالمكلف ليس له من حيث مدلوله المطابقي تصديق عملي بل من حيث مدلوله الالتزامي فقط وهو الخبر عن حكم الإمام (ع) كما أشرنا إليه فيما تقدم.
والجواب عنه: أن ايجاب التصديق لسانا ايجاب فعل صلاة الجمعة لبا فخبر زرارة محكوم لبا بوجوب صلاة الجمعة تنزيلا، فالخبر الحاكي عن هذا الخبر يحكى عن وجوب صلاة الجمعة تنزيلا فله تصديق عملي إلى اخر السلسلة، فكلها ايجابات تنزيلية لفعل صلاة الجمعة والفعلي منها هو الايجاب الواصل