ليجب قبوله، مدفوع باطلاق وجوب الانذار من حيث إفادة العلم، فيكشف عن كون الموضوع لوجوب التحذر مجرد حكاية العقاب المجعول بالمطابقة أو الالتزام، ومطابقته للواقع تعبدا يعلم من وجوب القبول فالذي يجب إحرازه في مرحلة فعلية وجوب القبول نفس ذلك الوجوب الحكائي.
ولا يخفى عليك انه لا بد في صحة هذا الجواب من الالتزام باطلاق وجوب الانذار لإفادة العلم وعدمها، وإلا فللخصم أن يدعى أن الآية ليست في مقام جعل الحجة وايجاب التحذر مولويا حتى يكتفى في موضوعه لوجود الحكائي بل في مقام ايجاب الانذار العلمي ليترتب عليه التحذر قهرا، فتدبره فإنه حقيق به.
وعن الثاني: بأن ظاهر الآية أن الغاية المترتبة على الانذار والفائدة المترقبة منه هو التحذر لا افشاء الحق وظهوره، فالمراد " والله أعلم "، لعلهم يحذرون بالانذار لا بافشاء الحق بالانذار كما أن ظاهرها التحذر بما أنذروا لا بالعلم بما أنذروا به، بل نقول إن نفس وجوب الانذار كاشف عن أن الإخبار بالعقاب المجعول إنذار ولا يكون ذلك إلا إذا كان حجة، وإلا فالإخبار المحض لا يحدث الخوف ولو اقتضاء حتى يكون مصداقا للانذار حتى يجب شرعا.
ومنه ظهر أن التحذر لو كان نتيجة إفشاء الحق بكثرة إخبار المخبرين عن العقاب المجعول كان المجموع إنذارا واحدا، لان المجموع هو المقتضى للعلم المقتضى للخوف مع أن كل واحد مكلف بالانذار الذي لا يصدق على إخباره بالعقوبة إلا مع فرض حجيته، ومن غريب الكلام ما عن بعضهم من قصر التفقه في الدين على العلم بدقائق الدين مما يتعلق بأسرار المبدء والمعاد وتبليغ الدعوة والنبوة وأشباه ذلك مما يطلب فيه العلم دون الأحكام الشرعية العملية، وفى أخبار الأئمة (1) (عليهم السلام) شواهد كثيرة على صدق التفقه على تعلم الحلال والحرام، فليراجع، مع أن صريح الآية إنذار النافرين للمتخلفين أو بالعكس لا تبليغ الدعوة إلى عامة الناس ونشر اعلام الهداية في البلاد النائية كما