معروضا له فان المعروض متقدم طبعا على عارضه، وإما كون البعث موجودا مع أن الفعل معدوم والموجود لا يتعلق بالمعدوم ولا يتقوم به. وأما كون الحكم، إما بمعنى الإرادة وهي كيفية نفسانية وهي الشوق الأكيد والشوق المطلق لا يوجد بل يوجد متعلقا بشئ ومتعلقه المشخص له لا يعقل أن يكون أمرا خارجا عن أفق النفس بل أمر واقع في أفق النفس فكيف يمكن أن تكون الحركات العضلاتية مقومة لصفة الشوق النفساني، وإما بمعنى البعث الاعتباري الانتزاعي عن الانشاء بداعي جعل الداعي، ومن الواضح أن البعث المطلق لا يوجد بنحو وجوده الاعتباري العقلائي بل يوجد متعلقا بمتعلقه، ويستحيل أن يكون الأمر الخارجي المتأصل المغائر لأفق الاعتبار مقوما ومشخصا لأمر الاعتباري، فالمناسب للأمر الاعتباري ليس إلا الطبيعة والعنوان لا الشخص الخارجي والمعنون.
وهذه البراهين برمتها أجنبية عما نحن فيه، لأن الطبيعة التي تعلق بها الوجوب الحقيقي الذي يصح انتزاع عنوان الواجب منها انما هي قبل وجودها الحقيقي خارجا فهذه، الطبيعة الواجبة مع فرض كونها واجبة إذا تعلق بها شخص الوجوب المأخوذ فيها الملحوظ معها لا يلزم منه شئ من المحاذير المتقدمة، لأنها لا تسقط الحكم في مرتبة طبيعتها ولا هي معلولة له في هذه المرتبة ولا معدومة في هذه المرتبة ولا منافية لأفق النفس ولا لأفق الاعتبار لعدم خارجيتها.
بل انما لا يعقل أخذ شخص هذا الوجوب في متعلق نفسه للزوم عروض الشئ لنفسه، فلا موجب لأخذ العنوان مقوما للموضوع إلا نفس هذا المحذور لا محذور تعلق الحكم بالخارجيات حتى يتوهم أن الموضوع لا محالة هو العنوان فلا يبقى مجال للاشكال.
فان قالت: لا ينحصر المانع عن تعلق الحكم بالموضوع الخارجي في ما ذكر بل الحكم حيث إنه بالإضافة إلى موضوعه من قبيل عوارض الماهية لا من قبيل عوارض الوجود فلا بد من أن يكون فعلية موضوعه بفعلية نفسه لا بفعلية أخرى، لان كل فعلية تأبى عن فعلية أخرى فيجب انسلاخ الموضوع عن الفعلية في نفسه وفى قيده، فلا يعقل أخذ حقيقة الوجوب في طرف الموضوع مطلقا.
قلت: هذا أيضا غير جار هنا، لأن الفعلية المتصورة في طرف الموضوعة هنا