الأعظم في رسائله (1) من وجوب التبين عند إرادة العمل لا مطلقا.
فإنه إن أريد من وجوب التبين نفسيا غاية الأمر مشروطا بإرادة العمل على طبق الخبر فهو التزام بالوجوب النفسي المشروط لا بالوجوب الشرطي المقابل للوجوب النفسي.
وإن أريد منه اشتراط وجوبه الغيري بإرادة العمل على طبق الخبر فهو محال، لأن وجوب المقدمة تابع لوجوب ذيها إطلاقا واشتراطا ولا يعقل اشتراط وجوب العمل على طبق الخبر بإرادة العمل، للزوم تعليق الحكم على مشية المكلف، بل المراد من الوجوب الشرطي ما ذكرناه من أن حرمة العمل بخبر الفاسق مقيدة بعدم التبين وجوازه بالتبين، فأصل الجواز منوط بالتبين فلا بد في جواز العمل من التبين لا أن التبين واجب شرعي بنحو من الوجوب الحقيقي، هذه غاية تقريب الوجوب الشرطي للتبين.
والتحقيق أن التبين ليس كالفحص المشروط به العمل بالعام أو اجراء الأصول بل معناه طلب العلم بالواقع ويكون مدار العلم عليه لا على خبر الفاسق بعد التبين، ومن البين أن وجوب طلب العلم بالواقع لا يكون بوجه مرتبا ومعلقا على مجيئ الفاسق بالخبر حتى ينتفى بانتفائه، بل المراد والله أعلم لزوم الاعراض عن خبر الفاسق وصرف المكلف إلى تحصيل العلم بالواقع لترتيب آثار الواقع، فبناء على ثبوت مفهوم الشرط للآية يكون المعلق على مجيئ الفاسق هو عدم حجية الخبر بمعنى عدم جعل الحكم المماثل أو عدم المنجزية للواقع ببيان لازمه وهو تحصيل العلم.
إذ لا يطلب تحصيل العلم بالواقع إلا مع عدم الحجة على الواقع بعدم ثبوته تنزيلا أو عدم تنجزه بمنجز، فالمنتفي بانتفاء مجئ الفاسق عن النبأ هو ملزوم التبين أي عدم الحجية وانتفائه عن النبأ الذي جاء به العادل هو حجية خبر العادل، لاستحالة ارتفاع النقيضين، فتبين أن المعلق حقيقة على مجيئ الفاسق بناء على المفهوم هو ملزوم وجوب التبين لا نفسه، فوجوب التبين لم يكن منوطا