ليس من زي الرقية ورسم العبودية أن لا يخالف مولاه واقعا لا لامره الواقعي ولا لامره الواصل، فلا يكون احتماله احتمال الظلم، كما أنه ليس بنفسه ظلما، فالمخالفة التي هي مصداق الظلم هي المخالفة في وجدان العقل للتكليف الواصل، فينحصر مصداق الظلم في المخالفة القطعية للتكليف المعلوم.
والموافقة الاحتمالية أو القعية وإن كانت حسنة لكنه ليس ترك كل حسن قبيحا إلا إذا اندرج تحت عنوان قبيح، وقد عرفت عدم اندراجها بجميع الوجوه تحت عنوان الظلم القبيح لا قطعا لا احتمالا. وأما حرمة المخالفة القطعية فتحقيق الحال فيها أن طبع المخالفة للتكليف المعلوم على طبع التكليف المعلوم، فان التكليف إذا كان معلوما بالتفصيل فمخالفة المعلوم بالتفصيل تفصيلية يتصف بها فعل معين في وجدان العقل، وإذا كان معلوما بالاجمال كانت المخالفة إجمالية، وحيث إن معلومية التكليف بالاجمال راجعة إلى علم بأصل التكليف وإلى علم بأن طرفه الواقعي لا يخرج عن الطرفين، لا أحدهما بعينه ولا أحدهما المردد، فكذلك مخالفته فإنه مع اتيانهما معا في الحرام يقطع بأصل مخالفة التكليف وأن طرف هذه المخالفة مالا يخرج عن الطرفين لا أنه يقطع بمخالفة أحد الفعلين وإلا لزم القطع بأحدهما المردد فلا مخالفة في وجدان العقل للتكليف الواصل إلا باتيانهما معا أو بتركهما معا، لا أن المجموع مخالفة، كيف والتكليف لم يتعلق بالمجموع ليكون مخالفته بفعل المجموع أو بترك المجموع، بل تعلق بشئ يعلم بعدم خروجه عن الطرفين فكذلك يعلم بأن هذه المخالفة المتحققة طرفها لا يخرج عن الطرفين والمخالفة الكذائية في وجدان العقل حتى يكون ظلما لا تكون إلا إذا بالطرفين فعلا أو تركا حتى يحصل له علمان على حد العلم بالتكليف والعلم بطرفه.
قلت: هذه غاية تقريب الاشكال في عدم اقتضاء العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية. ويندفع بأن الظلم لا ينحصر في مخالفة التكليف الواصل في وجدان العقل، بل عدم المبالاة بأمر المولى ونهيه بعدم الانبعاث ببعثه وبعدم الانزجار بزجره في وجدان العقل أيضا خروج عن زي الرقية ورسم العبودية وقد