الالتزامية إلا في التوصلي، وأما هذا البحث فوجه التقييد فيه بالتوصليين أن جريان جميع الوجوه منوط بذلك وإن كان بعضها يناسب التعبدية أيضا، مثلا الاخذ بأحدهما مخيرا أو التخيير العملي بين الفعل والترك مع التوقف عن الحكم ظاهرا وواقعا يلائم التعبدي والتوصلي، لان التخيير إنما يكون بين المحتملين بحسب حالهما، ففي التعبديين يتخير عملا أو لزوما بين إتيان الفعل قربيا أو الترك قربيا، ولا يعقل مع دوران الامر بين التعبديين أن يكون مقتضى الامر بالأخذ تخييرا أو مقتضى حكم العقل بعدم الحرج بفعل أحد المحتملين إلا بنحو يحتمله. وأما إجراء البراءة والحكم (1) بالإباحة فلا يلائم إلا التوصليين.
أما إجراء البراءة، فمقتضاه نفي الوجوب فعلا ونفي الحرمة والاذن في الفعل والترك، والاذن في الفعل بمجرده والترك بمجرده من دون معاملة الواجب أو الحرام معه إذن في اتيانه لابداع القربة، وفي الترك كك، وهو إذن في المخالفة العملية القطعية لان إجراء البراءة يستلزم المخالفة العملية، إذ هو غير مانع عن إتيان المحتمل بداع الوجوب المحتمل.
وأما الحكم بالإباحة، فهو مع المحذور المزبور يستلزم محذورا آخر وهو منافاة الإباحة المقابلة لسائر الاحكام مع التعبدية المتقومة بالطلب اللزومي أو الغير اللزومي، فلا يعقل الحكم على التعبدي بالإباحة الحقيقية. ومنه تبين أن القائل بالإباحة كشيخنا الأستاذ - قده - (2) لابد له من التخصيص بالتوصليين فإن تخييره عملا وإن لم يكن منافيا للتعبدية إلا أن حكمه بالإباحة ينافي التعبدية.
نعم، مثل الشيخ الأجل - قده - (3) حيث يختار التوقف وعدم الالتزام إلا بالواقع على ما هو عليه مع التخيير عملا بين الفعل والترك لا موجب للتخصيص عنده، لا من حيث التخيير ولا من حيث التوقف، وإنما تخصيصه بالتوصليين لا بناء