9 - قوله: وإن كان ربما يوجب موافقته استحقاق الثواب [المثوبة] (1) إلخ:
إن كان الفرق بين الثواب والعقاب بلحاظ خصوص الحكم الفعلي فقط، فالثواب كالعقاب، إذ كما لا بعث ولا زجر فليست المخالفة عصيانا، كذلك لا جعل للداعي من المولى بالفعل، كي يدعو العبد بالفعل ليستحق الثواب على الفعل من حيث صدوره عن أمر المولى، فكما لا يستحق العقاب على مخالفة الحكم الفعلي حيث لا حكم فعلي، كذلك لا يستحق الثواب على موافقة الحكم الفعلي لعدمه فعلا، وإن كان الفرق لا بلحاظ الحكم الفعلي بل كلية بمعنى أنه يمكن التفكيك بين العقاب والثواب، فلا يترتب العقاب إلا على مخالفة الحكم الفعلي دون الثواب، فإنه يمكن ترتبه على الفعل ولو لم يكن هناك حكم فعلي، كما إذا أتى به بداعي المصلحة التامة الموافقة لغرض المولى، أو بداعي حب المولى ونحوه.
ففيه: أن العقاب كالثواب فلا يدور مدار خصوص مخالفة الحكم الفعلي بل يترتب على ترك تحصيل المصلحة التامة الملزمة مع عدم البعث، لمانع عنه بالخصوص، كغفلة المولى أو اعتقاد عجز العبد عن امتثاله، وتفصيله أن المصلحة قد تكون قاصرة عن اقتضاء اللزوم والبعث، فالعلم بها لا يوجب تحصيلها في نظر العقلاء، وقد تكون تامة الاقتضاء ولكن لها مانع عن التأثير في البعث، وهو على قسمين.
فقد يكون المانع اشتمال البعث على مفسدة فمثل هذه المصلحة غير ملزمة، لأنها على الفرض مغلوبة، لأن كون العبد ملزما بتحصيل المصلحة ذا مفسدة غالبة فكيف يعقل أن يكون مثل هذه المصلحة ملزمة في نظر العقلاء.
وقد يكون المانع نظير غفلة المولى أو اعتقاد عجز العبد عن الامتثال، فمثل هذه المصلحة ملزمة على حد ذاتها، لا مغلوبة غير ملزمة، فالعلم بها يوجب