التكليف المجهول لما لم تكن موجبة لاستحقاق العقاب فالقطع به وانكشافه له دخل بنحو الشرطية في تأثير المخالفة في استحقاق العقاب، ولكن ليعلم أن استحقاق العقاب ليس من الآثار القهرية واللوازم الذاتية لمخالفة التكليف المعلوم قطعا، بل من اللوازم الجعلية من العقلاء.
لما سيأتي (1) عما قريب إنشاء الله تعالى أن حكم العقل باستحقاق العقاب ليس مما اقتضاه البرهان، وقضيته غير داخلة في القضايا الضرورية البرهانية بل داخلة في القضايا المشهورة التي تطابقت عليها آراء العقلاء لعموم مصالحها، ومخالفة أمر المولى هتك لحرمته وهو ظلم عليه والظلم قبيح أي مما يوجب الذم والعقاب عند العقلاء، فدخل القطع في استحقاق العقوبة على المخالفة الداخلة تحت عنوان الظلم بنحو الشرطية، جعلي عقلائي، لا ذاتي قهري كسائر الأسباب الواقعية والآثار القهرية.
ومنه ينقدح ما في البرهان الآتي من أن الجعل التأليفي لا يكون بين الشئ ولوازمه، فإنه في المتلازمين واقعا لا جعلا ولو عقلائيا (2)، ولا يرد كل ذلك على ما سلكناه في الحاشية المتقدمة من البحث عن الطريقية (3) وأنها في القطع حيث كانت ذاتية فلذا لا يعقل الجعل كما تقدم تفصيله (4). وحيث عرفت أن الحجية بمعنى المنجزية من اللوازم الجعلية العقلائية، فبناء على أن جعل العقاب من الشارع يصح القول بجعل المنجزية للقطع شرعا من دون لزوم محذور.
وتوهم لزوم التسلسل نظرا إلى أن الأمر بمتابعة القطع لا يوجب التنجز بوجوده الواقعي، بل لا بد فيه من العلم وهو أيضا كالسابق يحتاج في تنجزه إلى الأمر باتباعه.
مدفوع: بأن الأمر الثاني أمر بداعي تنجز الواقع المقطوع به، فهو لا تنجز له، فوصوله وإن كان مما لا بد منه في صيرورة الأمر الواقعي المعلوم منجزا، لكنه