اتباعه يمكن أن يكون باطلاقه نهيا عن رفع اليد به عن الظهور الذي في قباله، فيكون بالملازمة أمرا باتباع الظهور، فيكون اثباتا لحجية هذا الظاهر الخاص ابتداء لا إمضاء، غير جار هنا، فان النهى الذي يكون أمرا بالملازمة هو هذا الظهور الذي لا مقتضى له فكيف يكون هو أمرا باتباع نفسه. فتدبره فإنه حقيق به.
ولكنه سيجيئ انشاء الله تعالى في مبحث الاستصحاب (1) أن عدم بناء العقلاء على العمل بالعمومات الرادعة ليس بملاك العام والخاص، ولا بملاك الظاهر والظن بالخلاف كما قدمناه، بل بملاك بنائهم على اتباع الخبر، ولا يعقل بنائهم عملا على طرحه، ولذا لو ورد ظاهر بالخصوص على المنع عن الخبر لم يكن متبعا عندهم أيضا ومع ذلك إذا سئل العقلاء من لزوم اتباع الظهور العمومي أو الخصوصي المانع عن العمل بالخبر على المكلف الملقى إليه ذلك الظهور من قبل مولاه مع عدم حجة أخرى أقوى من قبله يحكمون بلزومه عليه وأن مخالفته ظلم على المولى، وقد أجبنا عن الآيات من حيث قصورها في نفسها أو من حيث الحكومة في مبحث الاستصحاب، فراجع.
ثم اعلم أن تقريب الدور في المقام وأشباهه ليس بملاحظة مقام الثبوت فان الوجوب والحرمة أو الوجوب وعدمه، أو الحرمة وعدمها أو المنجزية وعدمها والمبرئية والمعذرية وعدمها جميعا إما متناقضان أو متضادان ولا توقف للنقيض على نقيضه ولا للضد على عدم ضده، ولا لعدم الضد على وجود ضده بل بملاحظة مقام الاثبات، ولكنه لا من حيث سببية الظهور أو الخبر للكشف التصديقي ولو ظنيا، إذ لا يعتبر في شئ منهما فعلية الكشف التصديقي ولو ظنيا والكشف النوعي محفوظ في الدليلين المتعارضين، ولا يختل الكشف النوعي بورود كاشف نوعي اخر ولو كان أقوى بل بلحاظ أن الظهور أو الخبر باعتبار دليل اعتبارها سبب للكشف القطعي إما عن الحكم المماثل أو عن المنجزية للواقع، وسببية كل منهما للكشف التصديقي عن أحد الأمرين وتأثيره فيه مشروط بعدم تأثير الاخر، فافهم وتدبر.