أقول: أما قصد الوجه بنحو الغاية الداعية فلا ريب فيه، لإمكان دعوة الأمر النفسي بما هو وجوب نفسي إلى إتيان متعلقه الذي هو إما تمام الأكثر أو في ضمنه.
وأما قصد الوجه توصيفا فليس معناه إتيان الموصوف بأنه واجب خارجا بإتيان الأكثر كما هو صريح كلامه - قده - حيث قال: وإتيان الواجب مقترنا بوجهه غايتا ووصفا بإتيان الأكثر بمكان من الإمكان (1) إلخ: لما مر مرارا أن الوجوب لا يعرض المأتي به حتى يوصف بعنوان الواجب ليؤتى به مقترنا بوجهه، بل معروض صفة الوجوب هي الطبيعة الفانية في مطابقها قبل وجودها في الخارج، وأما بعده فيسقط الوجوب فكيف يعرضه؟ بل المراد من قصد الوجه بنحو التوصيف أنه يتمكن من قصد الصلاة الواجبة بما هي واجبة فيأتي بمطابقها في الخارج بإتيان الأكثر.
وأما قصد الوجه في الأكثر تفصيلا إذا كان الزائد جزء الفرد نظرا إلى صدق الطبيعة على الفرد بمشخصاته فقد بينا في محله أن مشخص الطبيعة في الصلاة وغيرها على حد سواء، والمشخص الاعتباري لا معنى له إلا أن فضيلة الطبيعة وكمالها لا يعد أمرا في قبالها، فيكون كالمشخص الحقيقي الذي لا يزيد على وجود الطبيعة، وعليه فنقول إن صدق الطبيعة على الفرد بمشخصاته مع وضوح أن " زيدا إنسان " بنفسه وبدنه لا بكمه وكيفه ووضعه وأشباهها، بملاحظة أن صحة حمل الإنسان على زيد بما هو زيد ليس إلا بلحاظ الاتحاد في الوجود الساري من الشخص إلى الطبيعة النوعية فإنه مجرى فيض الوجود بمعنى أن هوية زيد الممتازة بنفسها عن هوية عمرو حيث إن الوجود عين التعين والتشخص مطابق الإنسان من حيث تفرد حصة الطبيعة النوعية في مرتبة ذات هذه الهوية، فالوجود الواحد وجود هذه الحصة بالذات ووجود طبيعي الإنسان بالعرض، وإلا فكمه وكيفه ووضعه فرد طبيعي الكم والكيف والوضع، ولا يعقل أن يكون فردية فرد لطبيعة مناطا لفردية شئ آخر لطبيعة أخرى.